للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩- لا يثبت حكم الخطاب إلا بعد البلاغ، ولا يقوم التكليف مع الجهل وعدم العلم (١) .

قال ابن تيمية:

"وأيضًا فإن الكتاب والسنة قد دلا على أن الله لا يعذب أحدًا إلا بعد إبلاغ الرسالة، فمن لم تبلغه جملة لم يعذبه رأسًا، ومن بلغته جملة دون بعض التفصيل لم يعذبه إلا على إنكار ما قامت عليه الحجة الرسالية" (٢) .

وقد ذكر ابن تيمية الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة (٣) ، فمن ذلك:

أولاً: قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: ١٥] .

ثانيًا: قوله تعالى: {لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥] .

ثالثًا: قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} [القصص: ٥٩] .

رابعًا: حديث المسيء صلاته (٤) ، ووجه الدلالة منه أنه - صلى الله عليه وسلم - علمه الصلاة المجزية ولم يأمره بإعادة ما صلى قبل ذلك مع قول الرجل: ما أحسن غير هذا، وإنما أمره أن يعيد تلك الصلاة، لأن وقتها باقٍ فهو مخاطب بها.

قال ابن تيمية: "فهذا المسيء الجاهل إذا علم بوجوب الطمأنينة في أثناء الوقت فوجبت عليه الطمأنينة حينئذٍ، ولم تجب عليه قبل ذلك، فلهذا أمره بالطمأنينة في صلاة ذلك الوقت دون ما قبلها" (٥) .

خامسًا: حديث المرأة المستحاضة (٦) التي قالت: إني امرأة أُستحاض


(١) وهذا عام لأصول الدين وفروعه. انظر (ص٤٨٨- ٤٩١) من هذا الكتاب.
(٢) "مجموع الفتاوى" (١٢/٤٩٣) .
(٣) انظر المصدر السابق (٢٢/٤١) وما بعدها.
(٤) الحديث رواه البخاري (٢/٢٣٧) برقم (٧٥٧) ، ومسلم (٤/١٠٥) .
(٥) "مجموع الفتاوى" (٢٢/٤٤) .
(٦) وهي: حمنة بنت جحش، والحديث أخرجه أبو داود (١/٧٦) برقم (٢٨٧) ، وابن ماجه (١/٢٠٥) برقم (٦٢٧) ، والترمذي (١/٢٢١) برقم (١٢٨) وقال: "هذا حديث حسن صحيح، وكذا قال الإمام أحمد".

<<  <   >  >>