للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(الأمر الخامس: أن الكافر يعاقب في الآخرة على تركه أصل الإيمان وعلى تركه الفروع، وذلك لقوله تعالى إخبارًا عن المشركين في معرض التصديق لهم تحذيرًا من فعلهم: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر: ٤٢ - ٤٤] .

١١- الجامع لشروط المكلف أن يكون عاقلاً فاهمًا للخطاب، فإذا طرأ على العقل عارض يمنعه من فهم الخطاب وإدراكه ارتفع التكليف، كما هو الحال بالنسبة للناسي والنائم والسكران، فإذا زال العارض وحسن من العقل فهم الخطاب وجب التكليف حينئذٍ. وقد يعتري العقل خلل يؤثر في كماله وسلامته كما هو الحال بالنسبة للمجنون والصبي فلا يزال التكليف ساقطًا عن هؤلاء حتى يعود إلى العقل كماله وسلامته. فلا بد إذن في التكليف من صحة العقل وسلامته وارتفاع الموانع التي تمنعه من فهم الخطاب (١) .

كما يشترط أيضًا عدم الإكراه؛ لأن الإكراه وإن لم يمنع من فهم الخطاب إلا أنه يسلب القدرة على قصد الامتثال، وما فائدة فهم الخطاب إذا لم تكن القصد إلى الطاعة والامتثال؟

وحاصل القول: أن قصد الامتثال إنما يحصل بالعقل وفهم الخطاب، وكل ذلك يحتاج إلى القدرة، فلا بد من القدرة على القصد وذلك بالفهم والعلم، ولا بد من القدرة على القصد وذلك بالفهم والعلم، ولا بد من القدرة على الفهم وذلك إنما يكون بكمال العقل وسلامته من الموانع المخلة بالفهم، فاجتمعت شروط المكلف في القدرة.

القدرة على فهم الخطاب، والقدرة على قصد الامتثال.

١٢- وقد تقدم أيضًا بيان أن الجامع لشروط الفعل المكلف به القدرة (٢) ، فبذلك تجتمع جميع شروط التكليف، ما يعود منها إلى الفعل المكلف به وما يعود منها إلى الإنسان المكلف في القدرة والاستطاعة.

قال ابن تيمية: «الأمر والنهي الذي يسميه بعض العلماء التكليف الشرعي هو مشروط بالممكن من العلم والقدرة» (٣) .


(١) انظر: "نزهة الخاطر العاطر" (١/١٣٩، ١٤٠) .
(٢) انظر (ص ٣٤٥) من هذا الكتاب.
(٣) "مجموع الفتاوى" (١٠/٣٤٤) .

<<  <   >  >>