للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها ما يعلم بالسمع والعقل، وذلك مثل كون رؤية الله ممكنة أو ممتنعة.

جـ- أن ما جاء به السمع لا يخلو من أمرين (١) :

إما أن يدركه العقل، فلا بد والحالة كذلك أن يحكم بجوازه وصحته، وإما ألا يدركه العقل فيعجز عن الحكم عليه بنفي أو إثبات، فيبقى العقل حائرًا، والواجب عليه والحالة كذلك التسليم لما جاء به السمع.

د- أن ما يدركه العقل لا يخلو من أمرين (٢) :

إما أن يثبته السمع ويدل عليه، وإما أن يأذن فيه ويسكت عنه، وبذلك يعلم أن السمع والعقل لا يتعارضان أبدًا.

٤- مكانة العقل عند أهل السنة:

للعقل عند أهل السنة مكانته اللائقة به، وهم في ذلك وسط بين طرفين (٣) .

الطرف الأول: من جعل العقل أصلاً كليًا أوليًا، يستغني بنفسه عن الشرع.

الطرف الثاني: من أعرض عن العقل، وذمه وعابه، وخالف صريحه، وقدح في الدلائل العقلية مطلقًا.

والوسط في ذلك:

أ- أن العقل شرط في معرفة العلوم، وكمال وصلاح الأعمال، لذلك كان سلامة العقل شرطًا في التكليف فالأحوال الحاصلة مع عدم العقل ناقصة، والأقوال المخالفة للعقل باطلة، وقد أمر الله باستماع القرآن وتدبره بالعقول {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [النساء: ٨٢] ، و [محمد: ٢٤] ، {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ} [المؤمنون: ٦٨] . فالعقل هو المدرك لحجة الله على خلقه (٤) .


(١) انظر: "درء التعارض" (١/١٤٧) .
(٢) انظر: "درء التعارض" (١/١٩٨، ١٩٩) .
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" (٣/٣٣٨) .
(٤) انظر: "مجموع الفتاوى" (٣/٣٣٨، ٣٣٩) ، و"الصواعق المرسلة" (٢/٤٥٨) .

<<  <   >  >>