ذهب الجمهور إلى أن انقراض العصر ليس شرطًا في صحة الإجماع بل المعتبر في إجماع مجتهدي العصر الواحد اتفاقهم ولو في لحظة واحدة.
فلا يشترط أن يمضي على اتفاقهم زمن أو أن ينقرض عصر المجمعين، بل متى ما اتفقت كلمتهم واستقرت آراؤهم وعلم ذلك منهم حصل بذلك الإجماع وانعقد.
أما اشتراط انقراض العصر فإنه يؤدي إلى تعذر وقوع الإجماع لتلاحق المجتهدين فيدخل مجتهد جديد وهكذا ...
ثم إن الأدلة الدالة على حجية الإجماع عامة مطلقة، لم تتعرض لذكر هذا الشرط.
وقد ذهب بعض العلماء إلى القول باشتراط انقراض العصر، ولعل هؤلاء أرادوا بهذا الاشتراط زيادة التثبت في نسبة قول المجمعين إليهم، وشدة التأكد من استقرار أهل المذاهب على مذاهبهم.
وعلى كل حالٍ فلا بد في هذه المسألة من تحرير قضية مهمة:
ألا وهي التثبت في نقل الاتفاق والتأكد من حصول الإجماع، وذلك بمعرفة أقوال المجمعين والاطلاع على أحوالهم للعلم باستقرارهم على مذاهبهم.
فإذا حصل التأكد من وقوع الاتفاق والعلمُ بموافقة جميع المجتهدين، ولو في لحظة واحدة، فلا يلتفت بعد حصول الإجماع إلى مخالفة مخالف من أهل الإجماع أو من غيرهم.
أما في حالة نقل الاتفاق دون التأكد من موافقة جميع المجتهدين أو من غير علم باستقرار مذاهبهم – انقرض العصر أو لم ينقرض – فالإجماع المنقول – والحالة كذلك – لا يكون صحيحًا، ويمكن أن يقال في مثل هذه الحالة: يشترط في صحة الإجماع استقرار المذاهب. وهذا قد يحصل في لحظة واحدة، وقد يحتاج إلى أزمنة مديدة، وقد لا يحصل أصلاً.