للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- وذهب الإمام الشافعي وأحمد وابن تيمية إلى أنه لا يجوز نسخ المتواتر من القرآن بالآحاد من السنة.

وهذا المذهب فرع عن القول بأن السنة لا تنسخ القرآن (١) .

٣- وذهب الأمين الشنقيطي إلى جواز نسخ القرآن بأخبار الآحاد (٢) .

وهذا المذهب مبني على:

أ- القول بجواز نسخ القرآن بالسنة، وقد تقدم بيان ذلك (٣) .

ب- القول بأنه لا يشترط في الناسخ أن يكون أقوى من المنسوخ أو في درجته بل يكفي أن يكون صحيحًا ثابتًا، وقد تقدم بيان ذلك (٤) .

جـ- الوقوع: ومثل له بنسخ إباحة الحمر الأهلية المنصوص عليها بالحصر في قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} [الأنعام: ١٤٥] ، وذلك بتحريمه - صلى الله عليه وسلم - الحمر الأهلية، وكان ذلك في خيبر (٥) ، والآية من سورة الأنعام وهي مكية (٦) .

وحاصل الكلام في هذه المسألة:

أن قول جمهور الأصوليين مبني على أن الأقوى لا يُرفع بما هو دونه، وقد سبق بيان ضعف هذه الحجة. فيعود الخلاف – في هذه المسألة بين القولين الثاني والثالث – إلى قضية نسخ السنة للقرآن على وجه الخصوص، وهذه القضية سبق الكلام عليها، هذا فيما يتعلق بجانب الجواز.

أما بالنسبة للوقوع فإن المثال المذكور يمكن أن يعترض عليه بأن هذا ليس من باب النسخ وإنما هو من باب تخصيص عموم مفهوم الحصر.


(١) وقد تقدم بيان ذلك (ص٢٥٨، ٢٥٩) من هذا الكتاب، وهل يجوز عند هؤلاء نسخ السنة المتواترة بالآحاد؟ مقتضى استدلالهم جواز ذلك. والله أعلم.
(٢) انظر: "أضواء البيان" (٢/٢٥١، ٣/٣٦٧) ، و"مذكرة الشنقيطي" (٨٦) .
(٣) انظر (ص٢٥٩) من هذا الكتاب.
(٤) انظر (ص٢٤٩) من هذا الكتاب.
(٥) انظر: "صحيح البخاري" (٦/١٣٤) برقم (٢٩٩١) .
(٦) انظر: "مذكرة الشنقيطي" (٨٦) .

<<  <   >  >>