للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيوده أعلى رتبة مما قلت قيوده، مثال ذلك قوله تعالى: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ} [التحريم: ٥] . فهذا مثال ما كثرت قيوده.

وعلى كل فالإطلاق والتقييد أمران نسبيان، فهناك مطلق لا مطلق بعده، مثل: "معلوم"، ومقيد لا مقيد بعده، مثل: "زيد" وبينهما وسائط (١) .

٢- قد يكون اللفظ الواحد مطلقًا من وجهٍ، مقيدًا من وجهٍ آخر، وذلك كقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] ، فالرقبة مقيدة - من حيث الدين - بالإيمان، مطلقة من حيث ما سوى الإيمان من الأوصاف ككمال الخلقة والطول والبياض.

فالآية مقيدة بالنسبة إلى مطلق الرقاب ومطلق الكفارات، وهي مطلقة في كل رقبة مؤمنة وفي كل كفارة مجزئة (٢) .

٣- الإطلاق والتقييد تارة يكونان في الأمر، وتارة في الخبر (٣) .

مثال الأول: اعتق رقبة، واعتق رقبة مؤمنة.

ومثال الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا نكاح إلا بولي» (٤) ، مع رواية: «لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل» (٥) .

ولا يكون الإطلاق في النهي والنفي بل يكون هذا من باب العموم (٦) .


(١) انظر: "مختصر ابن اللحام" (١٢٥) ، و"شرح الكوكب المنير" (٣/٣٩٣ - ٣٩٥) وانظر (ص٤١٨، ٤١٩) من هذا الكتاب.
(٢) انظر: "روضة الناظر" (٢/١٩١، ١٩٢) ، و"مختصر ابن اللحام" (١٢٥) ، و"شرح الكوكب المنير" (٣/٣٩٤) .
(٣) انظر: "روضة الناظر" (٢/١٩١) ، و"شرح الكوكب المنير" (٣/٣٩٤) .
(٤) رواه أبو داود (٢/٢٢٩) برقم (٢٠٨٥) ، وابن ماجه (١/٦٠٥) برقم (١٨٨٠، ١٨٨١) ، والترمذي (٣/٤٠٧) برقم (١١٠١، ١١٠٢) وحسنه. والحديث صححه الألباني. انظر "صحيح الجامع" (٢/١٢٥٤) برقم (٧٥٥٥) .
(٥) رواه بهذا اللفظ البيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفًا (٧/١١٢) .
(٦) انظر: "بدائع الفوائد" (٣/٢٤٩) ، و"القواعد والفوائد الأصولية" (٢٨٣) .

<<  <   >  >>