للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} [البقرة: ١٧٣، النحل: ١١٥] مع تقييد الدم بكونه مسفوحًا في قوله تعالى: {إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: ١٤٥] . فالحكم: تحريم الدم، والسبب: ما في الدم من المضرة والإيذاء.

فالجمهور يقولون بحمل المطلق على المقيد في هذا القسم.

(القسم الثاني: أن يتفق الحكم ويختلف السبب، وذلك مثل إطلاق الرقبة في كفارة الظهار في قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: ٣] مع تقييد الرقبة بكونها مؤمنة في آية قتل الخطأ في قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] .

فالحكم: العتق، والسبب في الرقبة المطلقة: الظهار، وفي الرقبة المقيدة بالإيمان: قتل الخطأ، وهذا المطلق يحمل على المقيد عند أكثر العلماء.

(القسم الثالث: عكس الثاني، وهو أن يتفق السبب ويختلف الحكم، وذلك مثل إطلاق الإطعام في كفارة الظهار في قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: ٤] ، مع تقييد الصيام بكونه من قبل أن يتماسا في قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٤] ، فالسبب واحد وهو الظهار، والحكم في الأول: الإطعام، وفي الثاني: الصيام، فأكثر العلماء لا يحملون المطلق على المقيد في هذه الحالة.

(القسم الرابع: أن يختلف الحكم والسبب، وهذا متفق على عدم الحمل فيه، ومثال ذلك: تقييد الصيام بالتتابع في كفارة اليمين (١) في قوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [المائدة: ٨٩] ، مع إطلاق الإطعام في كفارة الظهار في قوله تعالى: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: ٤] .

هذه الأقسام الأربعة فيما إذا كان المقيد واحدًا.

أما إن كان هناك مقيدان بقيدين مختلفين، فإن كان القيدان متضادين ولم


(١) ورد ذلك في قراءة عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهما: «فصيام ثلاثة أيام متتابعات» . انظر «جامع البيان» للطبري (٧/٣٠) .

<<  <   >  >>