للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقياس والاستصحاب، وغيرها من الأدلة التي يمكن اعتبارها.

وأن تكون لديه معرفة بمقاصد الشريعة، والمعتبر في ذلك أن يعرف من الكتاب والسنة ما يتعلق بالأحكام، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، وأسباب النزول، ومواقع الإجماع والخلاف، وصحيح الحديث وضعيفه.

ثانيًا: أن يكون عالمًا بلسان العرب، ويكفي في ذلك القدر اللازم لفهم الكلام.

ثالثًا: أن يكون عارفًا بالعام والخاص، والمطلق والمقيد، والنص والظاهر والمؤول، والمجمل والمبين، والمنطوق والمفهوم، والمحكم والمتشابه، والأمر والنهي. ولا يلزمه من ذلك إلا القدر الذي يتعلق بالكتاب والسنة ويدرك به مقاصد الخطاب ودلالة الألفاظ، بحيث تصبح لديه ملكة وقدرة على استنباط الأحكام من أدلتها.

رابعًا: أن يبذل المجتهد وسعه قدر المستطاع وألا يقصر في البحث والنظر.

قال الشافعي: «وعليه في ذلك بلوغ غاية جهده، والإنصاف عن نفسه حتى يعرف من أين قال ما يقول، وترك ما يترك» (١) .

خامسًا: أن يستند المجتهد في اجتهاده إلى دليل، وأن يرجع إلى أصل.

وقد بوب لذلك ابن عبد البر، فقال: «باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص في حين نزول النازلة» (٢) .

وبعد ذكره رحمه الله لبعض الآثار قال: «......هذا يوضح لك أن الاجتهاد لا يكون إلا على أصول يضاف إليها التحليل والتحريم، وأنه لا يجتهد إلا عالم بها، ومن أشكل عليه شيء لزمه الوقوف، ولم يجز له أن يحيل على الله قولاً في دينه لا نظير له من أصل، ولا هو في معنى أصل.

وهو الذي لا خلاف فيه بين أئمة الأمصار قديمًا وحديثًا فتدبر» (٣) .

وقد ذكر ابن القيم – كما سبق نقل ذلك عنه (٤) – أن من أنواع الرأي المذموم باتفاق السلف:


(١) "الرسالة" (٥١١) .
(٢) "جامع بيان العلم وفضله" (٢/٥٥) .
(٣) المصدر السابق (٢/٥٧) .
(٤) انظر (ص٤٧١) من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>