للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦- للمفتي أن يدل المستفتي على عالم غيره، لكن على المفتي أن يتقي الله ويرشده إلى رجل سُنة، فإنه إما أن يكون معينًا على البر والتقوى، أو على الإثم والعدوان (١) .

وهذه الدلالة وذلك التوقف إنما يجوز بالتفصيل الآتي:

٧- إذا كانت الفتوى مخالفة لغرض السائل فإن على المفتي أن يفتي بالحق الذي يعتقده، ولا يسعه أن يتوقف في الإفتاء به إذا خالف غرض السائل؛ فإن ذلك إثم عظيم، وكيف يسعه من الله أن يقدم غرض السائل على الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجوز له أيضاً أن يدله على مفتٍ أو مذهبٍ يكون غرضه عنده (٢) .

٨- ذكر الدليل والتعليل، فإن جمال الفتوى وروحها هو الدليل، وقول المفتي إذا ذكر معه الدليل حجة يحرم على المستفتي مخالفتها، ويبرئ المفتي من عهدة الإفتاء بلا علم، ومن تأمل فتاوى النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قوله حجة بنفسه رآها مشتملة على التنبيه على حكمة الحكم، ونظيره، ووجه مشروعيته.

ومن ذلك: نهيه عن الخذف (٣) ، وتعليل ذلك بأنه: «يفقأ العين ويكسر السن» (٤) .

وكذلك أحكام القرآن فإن الله يرشد إلى مداركها وعللها، كقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] (٥) .

٩- التوطئة للحكم إذا كان مستغربًا لم تألفه النفوس بما يؤذن به ويدل عليه، ويقدم بين يديه مقدمات تؤنس به (٦) .

١٠- الإرشاد إلى البديل المناسب، فإن من فقه المفتي ونصحه إذا منع


(١) انظر: "إعلام الموقعين" (٤/٢٠٧) ، و"شرح الكوكب المنير" (٤/٥٨٩) .
(٢) انظر: "إعلام الموقعين" (٤/٢٥٨، ٢٥٩) ، وانظر رقم (١٠) من هذه الآداب.
(٣) الخذف: هو رمي الحصاة ونحوها بطرفي الإبهام والسبابة. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" (٢/١٦) ، و"المصباح المنير" (١٦٥) .
(٤) رواه البخاري (١٠/٥٩٩) برقم (٦٢٢٠) ، ومسلم (١٣/١٠٥) .
(٥) انظر: "إعلام الموقعين" (٤/١٦١ – ١٦٣، ٢٥٩، ٢٦٠) .
(٦) انظر: "إعلام الموقعين" (٤/١٦٣، ١٦٤) ، و"زاد المعاد" (٣/٣٠٩) .

<<  <   >  >>