للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال السخاوي: (فلما فرغ عثمان من أمر المصاحف حرق ما سواها ورد تلك الصحف الأولى إلى حفصة -رضي الله عنها-، فلما ولي مروان المدينة طلبها ليحرقها فلم تجبه حفصة لذلك ولم تبعث بها إليه، فلما ماتت حضر مروان في جنازتها وطلب الصحيفة من أخيها عبد الله بن عمر وعزم عليه في أمرها فسيَّرَها إليه عند انصرافه فحرقها خشية أن تظهر فيعود الناس إلى الاختلاف) (١).

فإن قيل: الاختلاف باق إلى زماننا هذا؟

قلت: القراءات التي نُعَوِّل عليها الآن لا تخرج عن المصاحف المذكورة فيما يرجع إلى زيادة أو نقصان، وما كان من الخلاف راجعًا إلى شكل أو نقط فلا يخرج عنها أيضًا؛ لأن خطوط المصاحف كانت مجملة محتملة لجميع ذلك كما يقرأ: {فَصُرْهُنَّ} [البقرة: ٢٦٠] بضم الصاد وكسرها (٢)، و {كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران: ١٥٤] بالرفع وبالنصب (٣)، و {لَا يَضُرُّكُمْ} [آل عمران: ١٢٠] و {يَضِرْكُمْ} (٤) ونحوها.

ثم اعلم أنه (إذا احتيج إلى تعطيل بعض أوراق المصحف لبِلًى ونحوه فلا يجوز وضعها في شق ونحوه لأنه قد يسقط ويوطأ ولا يجوز تمزيقها لما فيه من تقطيع الحروف وتفرقة الكلم وفي ذلك ازدراء بالمكتوب، كذا قاله الحليمي قال: وله غسلها بالماء وإن أحرقها بالنار فلا بأس فقد أحرق عثمان مصاحف كان فيها آيات وقراءات منسوخة، ولم ينكر عليه، وذكر غيره أن الإحراق أولى من الغسل لأن الغسالة قد يقع على الأرض). انتهى (٥).


(١) انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ ٧٦ - ٧٧).
(٢) قال في النشر ٢/ ٢٣٢: (قرأ أبو جعفر وحمزة وخلف ورويس بكسر الصاد، وقرأ الباقون بضمها).
(٣) قال في النشر ٢/ ٢٤٢: (فقرأ البصريان (كلُّه) بالرفع، وقرأ الباقون بالنصب).
(٤) قال في النشر ٢/ ٢٤٢: (فقرأ ابن عامر والكوفيون وأبو جعفر بضم الضاد ورفع الراء وتشديدها، وقرأ الباقون بكسر الضاد وجزم الراء مخففة).
(٥) أي: من الإتقان، النوع السادس والسبعون: في مرسوم الخط وآداب كتابته (٢/ ٢٢١).

<<  <   >  >>