للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يا رسول الله فهل لنا رخصة) فأنزل الله تعالى {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: ٩٥] فقال -صلى الله عليه وسلم-: (ائتوني بالكتف والدواة) فألحقها زيد بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال زيد: (فكأني أنظر إلى موضعها عند صدع في الكتف) (١).

وأما ما سبق في قولهم: إنه -صلى الله عليه وسلم- لم يأمرنا بجمعها فمحمول على جمعها في كتاب واحد من المتفرقات فلا ينافي قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تكتبوا عني شيئًا إلا القرآن) (٢) والله تعالى أعلم.

٢٨ - من كلِّ أوجُهِهِ حتى اسْتَتَمَّ لهُ … بالأحرفِ السبعةِ العُليا كما اشتَهَرا

وفي نسخة: بالسبعة الأحرف، والمعنى: أن زيدًا كان يجمع القرآن من كل أوجُهِهِ: أي: مظانه أو وجوهه حتى استكمل القرآنَ أو جمْعَه زيدٌ كما قصده بجميع الأحرف السبعة المشتهرة العالية المتواترة المتداولة في تلك الأزمنة؛ لا هذه السبعة المتعارفة فإنها حرف واحد (٣) بالنسبة إلى تلك السبعة المنزلة


(١) رواه البخاري ك: الجهاد والسير، باب: قول الله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ٩٥] (٢٨٣١) و (٢٨٣٢) وفي ك: تفسير القرآن، باب: لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله (٤٥٩٢) و (٤٥٩٣) و (٤٥٩٤) وفي ك: فضائل القرآن، باب: كاتب النبي (٤٤٩٠). ومسلم ك: الإمارة، باب: سقوط الجهاد عن المعذورين (١٨٩٨) ورواه غيرهما.
(٢) رواه مسلم ك: الزهد والرقائق، باب: التثبيت في الحديث وحكم كتابة العلم (٣٠٠٤).
(٣) قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٩٠ و ٣٩٥ - ٣٩٧): لا نزاع بين العلماء المعتبرين أن "الأحرف السبعة" التي ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن القرآن أنزل عليها ليست هي " قراءات القراء السبعة المشهورة ..... والعرضة الآخرة هي قراءة زيد بن ثابت وغيره وهي التي أمر الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بكتابتها في المصاحف وكتبها أبو بكر وعمر في خلافة أبي بكر في صحف أمر زيد بن ثابت بكتابتها ثم أمر عثمان في خلافته بكتابتها في المصاحف وإرسالها إلى الأمصار وجمع الناس عليها باتفاق من الصحابة علي وغيره … فالذي عليه جمهور العلماء من السلف والأئمة أنها حرف من الحروف السبعة؛ بل يقولون: إن مصحف عثمان هو أحد الحروف السبعة وهو متضمن للعرضة الآخرة التي عرضها النبي -صلى الله عليه وسلم- على جبريل والأحاديث والآثار المشهورة المستفيضة تدل على هذا القول … ذكر محمد بن جرير وغيره أن القراءة على الأحرف السبعة لم يكن واجبًا على الأمة وإنما كان جائزًا لهم مرخصًا لهم فيه وقد جعل إليهم الاختيار في أي: حرف اختاروه … فلما رأى الصحابة أن الأمة تفترق وتختلف وتتقاتل إذا لم يجتمعوا على حرف واحد
اجتمعوا على ذلك اجتماعًا سائغًا وهم معصومون أن يجتمعوا على ضلالة ولم يكن في ذلك ترك لواجب ولا فعل لمحظور. اهـ

<<  <   >  >>