للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بمشاهدةِ المعجزاتِ الكائنةِ للمتقدمين (١)، و"الوَزَر"؛ الجبلُ، والمرادُ به هنا الملجأُ والمَفَرُّ، ومنه قوله تعالى: {كَلَّا لَا وَزَرَ} [القيامة: ١١] وهو منصوب على الحال.

والمعنى: أن المرسومَ أمرٌ نفيسٌ لا يُسْمَحُ بمثله، وهو أَوْلى ما يتعلَّقُ به الإنسانُ من غيرِه؛ لأن الصحابة الذين هم خير الأمة -باتفاق الأئمة- أقاموا أصلَ هذا المرسومِ، ورسموا هذا الرسمَ المعلومَ، حالَ كونِه ملْجأً للناس، يرجعون إليه حال الالتباس، حيث لا يجوز فيه القياس.

٨ - وكلُّ ما فيه مشهورٌ بسنَّتهِ … ولم يُصِبْ مَنْ أضاف الوهْمَ والغِيَرا

"لم يصب": من الإصابةِ؛ ضدُّ الإخطاءِ، و"الغِيَرا": بكسر ففتح؛ مفرد بمعنى التغيير.

والمعنى: أن جميع ما في أصل المرسوم مستفيض بين الأمة ومعلوم عند الأئمة بسبب سنته -صلى الله عليه وسلم- لأنه مأثور عنه، حيث كتبوه بحضرته، وأقرهم على كتابته، مع أن سنة الخلفاء الراشدين من سنته، على ما ورد في الصحيح: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين) (٢)، وقد أمر بكتابته الشيخان،


(١) مسألة خيرية هذه الأمة والمفاضلة بين أولها وآخرها بحثها ابن حجر في الفتح (٧/ ٨ - ١٠)، والشوكاني في النيل ٩/ ٢٢٧، والطحاوي في مشكل الآثار ٣/ ٢٥٤، باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جوابه لأبي عبيدة بن الجرّاح -رضي الله عنه- لما قال له هل أحد خير منا أسلمنا معك وجاهدنا معك بقوله له نعم قوم من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني)، والصنعاني في سبل السلام ٢/ ٥٨٠.
(٢) رواه الترمذي؛ ك: العلم عن رسول الله، باب: ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع (٢٦٧٦)، وأبو داود؛ ك: السنة، باب: في لزوم السنة (٤٦٠٧)، وابن ماجه في المقدمة؛ باب: اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين (٤٢) و (٤٣). وأحمد في مسند الشاميين: حديث العرباض بن سارية (١٦٦٩٢) و (١٦٦٩٤) (١٦٦٩٥) وصححه الألباني في الصحيحة برقم (٩٣٧).

<<  <   >  >>