للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣ - واعْلمْ بأنّ كتابَ اللهِ خُصّ بِما … تاهَ البريةُ عن إِتيانِهِ ظُهَرَا

بضم ففتح؛ جمع ظهير بمعنى المعاون، وهو منصوب على الحال من "البرية"، وهي في النظم بهمز وتركه، والقراءة مشهورة بهما (١)، و"ما"؛ موصولة أو موصوفة، والجملة بعدها صلة أو صفة، و"عَلِمَ" به: شَعَر وفطِن كذا في القاموس (٢)، وقيل الباء هنا زائدة.

والمعنى: أن القرآن العظيم والفرقان الكريم خُصَّ من بين الكتب المنزلة على الرسل المتقدمة (٣) و (امتاز عن سائر الكلمات المتداولة بمزايا أعاجيب، وأساليب تراكيب، حارت فيه أفكارُ الألِبَّاءِ، وكَلَّتْ عنها (٤) ألسنةُ الفصحاءِ والبلغاءِ، وعجزت عنه العرب العرباء الخطباء، عن أن يأتوا بمثله في حسن نظمه، وبيان حكمه، مع كونهم في معارضته متعاونين، وفي مناقضته متناصرين) (٥) كما يشير إليه قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: ٨٨] وهو أظهر معجزاته، وأعظم آياته، حيث طالب العرب بإتيان سورة من مثله في نظمه العجيب، وأسلوبه الغريب، مع قطع النظر عما يتضمن من أخبار


(١) قال في النشر ١/ ٤٠٧ باب: الهمز المفرد (وأما {الْبَرِيَّةِ} وهو في "لم يكن" {شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [الآية: ٦] و {خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [الآية: ٧] فقرأهما نافع وابن ذكوان بهمزة مفتوحة بعد الياء وقرأ الباقون بغير همز، مشددة الياء في الحرفين) اهـ. وانظر: كتاب الكشف (٢/ ٣٨٥).
(٢) القاموس المحيط، باب الراء. فصل الشين (٢/ ٥٩).
(٣) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح ٥/ ٤٣٤ - ٤٣٥: (ليس ما في التوراة والإنجيل مماثلا لمعاني القرآن، لا في الحقيقة، ولا في الكيفية، ولا في الكمية، بل يظهر التفاوت لكل من تدبر القرآن، وتدبر الكتب).
(٤) ما قبلها وما بعدها بضمير المذكر "فيه وعنه" وهنا بضمير المؤنث "عنها" كذا في جميع النسخ التسع.
(٥) ما بين القوسين مقتبس مع تصرف يسير من الجميلة صـ ٢٩.

<<  <   >  >>