للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٢ - يُسَارِعُونَ جُذَاذًا عنه واتَّفَقُوا … عَلى حَرَ امٌ هُنَا وليسَ فيه مِرَا (١)

أي مماراة وأصله: مراء، قصر للوقف لا للوزن كما قيل (٢).

أي: حَذْفُ ألف {يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} بالأنبياء [آية: ٩٠] (٣) وكذا ألف {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا} [الأنبياء: ٥٨] مرويٌّ عن نافع عن المدني -كالبواقي-، فهنا اتفاقان: اتفاق سكوت (٤) واتفاق تصريح، كما يفهم من قوله واتفقوا، (وقَدَّمَ يُسَارِعُونَ على جُذَاذًا خلافَ الترتيبِ؛ ليُعْلَم أن المحذوفَ منها الألفُ الوسطى مثلها) (٥)، " وَحَرَامٌ "؛ بالرفع على الحكاية.

والمعنى: اتفاق الرواة (٦) على حذف ألف {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ} في الأنبياء [آية: ٩٥]، ولما أوهم قوله: "واتَّفقُوا" معنى فاسدًا، وهو احتمال الاتفاق على الإثبات، رفَعَهُ (٧) بقوله: "وليس فيه مرا" لأن الكلام في الحذف لا في الإثبات، وبه يعلم أيضًا أنه لا ينافي اختلافَ القراء في حذف ألفه وإثباته (٨).


(١) المقنع صـ ١٢.
(٢) قال الجعبري في الجميلة صـ ١٤٤: (غير للوزن: شك)، والذي يظهر أنه إن كان بمعنى الشك فقد غير للوزن كما قال الجعبري؛ لأن حقه أن يقال: وليس فيه مرية أي: شك، وإن كان بمعنى المراء فقد قصر للوقف كما قال المؤلف؛ لا للوزن والله أعلم.
(٣) وكذا [المؤمنون: ٦١].
(٤) مراده باتفاق السكوت هنا: ما سبقت الإشارة إليه في شرح البيت ٨٠ من أن غير نافع إن لم ينقل عنه مخالفة لنافع فهو موافق له، بقوله: (وقد نقل نافع قصر الموضعين ولم يتعرض لهما غيره فدل أنهما متفقا الحذف في كل الرسوم)، وقال الجعبري في الجميلة صـ ١٤٥ في شرح هذا البيت: (بخلاف الأول اتفاق فإنه اتفاق سكوت، أي: نقل نافع ولم يخالفه أحد).
(٥) ما بين القوسين منقول من الجميلة صـ ١٤٥ بتصرف لا يضر، ومعناه: أنه لو راعى ترتيب سور المصحف فقدم جُذَاذًا لأنها في الأنبياء [آية: ٥٨] على يُسَارِعُونَ التي في الأنبياء [آية: ٩٠] لم يُعْلَمْ أن المحذوفَ من جُذَاذًا الألفُ الوسطى مثل يُسَارِعُونَ، بل لتوهم الناظر أن المراد حذف الألف الثانية من جُذَاذًا لأن وزن البيت سيكون حينئذ: جُذَ اذَ عنه يُسَارِعُونَ واتفقوا … الخ.
(٦) كذا في سائر النسخ، وفي (ق) "الرواية".
(٧) في (ز ٤) "وهو احتمال الإثبات دفعه" وفي بقية النسخ كما أثبته، إلا أن في (ز ٨) "دفعه".
(٨) أي: وبقوله "ليس فيه مرا" يعلم أيضًا أن حكاية الاتفاق لا ينافي اختلاف القراء؛ لأن الاتفاق
إنما هو على حذفها رسمًا، والخلاف بين القراء هو في القراءة لا في الرسم، وقد قال الشارح في شرح البيت (٦٢): (لأنا نقول هذا الكتاب موضوع لبيان رسم الكتابة) أي: لا لبيان القراءات قصدًا وابتداء إذ (محلها كتب القراءات) كما قال في شرح البيت (١٠٨)، وإذ الأمر كذلك فقد قال في النشر ٢/ ٣٢٤: (فقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر "وحِرْمٌ" بكسر الحاء وإسكان الراء من غير ألف، والباقون بفتح الحاء والراء وألف بعدها)، وقال في الكشف ٢/ ١١٤: (وهما لغتان كالحِلِّ والحَلال)، وانظر: الإقناع ٢/ ٧٠٤.

<<  <   >  >>