للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١ - الحمد لله موصولًا كما أَمَرا … مباركًا طيِّبًا يَسْتَنْزِلُ الدِّرَرا

أي: جنس "الحمد" مختص "لله" وهو مستحقه ومستوجبه لا سواه، و"موصولا" منصوب على الحال من الضمير في "لله" (١)، كذا قاله الشارح (٢)، والأظهر أنه صفة مصدر محذوف أي: حمدًا متصلًا بحمد آخر، وهكذا دائمًا، مثل ما أمر الله تعالى بإدامة هذا الحال، حيث قال: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} (٣)، وهو الحمد على ذاته وصفاته بأسمائه (٤)، والشكر على نعمائه ورخائه (٥)، بل على محنته وبلائه، كما يشير إليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: (الحمد لله على كل حال) (٦)، غيرَ مقيَّدٍ بحالِ الماضي والاستقبال، فألفُ "أمَرَا" للإطلاق، وقولُهُ: "مباركًا" أي: ناميًا زاكيًا زائدًا.


(١) مراده بالضمير: متعلق الجار والمجرور الذي هو مضمر تقديره: كائن أو استقر، قال ابن مالك في الخلاصة:
وأخبروا بظرف او بحرف جر … ناوين معنى كائنٍ أو استقر
فيكون المعنى: الحمد كائن لله حال كونه (أي الحمد) موصولًا.
(٢) انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ ١٣).
(٣) وردت في القرآن (٣) مرات بدون عطف قبل "قُلْ"، ومرتان بالواو قبلها، ومرة بالفاء قبلها، أولها [الاسراء: ١١١].
(٤) كقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} إلى قوله {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: ٢ - ٤] {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: ١] {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} [الإسراء: ١١١] {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فاطر: ١] {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [سبأ: ١] .. الخ.
(٥) كقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: ٤٣] وكقوله -صلى الله عليه وسلم- إذا أوى إلى فراشه (الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي) رواه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة رقم (٢٧١٥) وغيره، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى ما يحب قال (الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات) رواه ابن ماجه (٣٨٠٣) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (٢٦٥).
(٦) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى ما يكره قال (الحمد لله على كل حال) رواه ابن ماجه (٣٨٠٣) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (٢٦٥).

<<  <   >  >>