للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال النظام (١) ومن تابعه من المعتزلة: الإعجازُ هو المنعُ عن معارضتِه، والصَّرْفَةُ عن التحدي بمثلِه في مناقضتِه، فعلى هذا لا يكون القرآن في حد ذاته معجزًا (٢). فأشار الشيخ إلى رده ورد غيره مما هو غير مقبول في رأيه حيث قال:

١٤ - من قال صرْفَتُهُم مَعْ حَثِّ نُصْرَتِهِم … وَفْر الدَّواعيْ فلم يستَنصرِالنُّصَرا

"الصَّرْفَة": بفتح الصاد المهملة؛ بمعنى المنع؛ مبتدأ؛ خبره محذوف؛ أي: "صرْفَتُهم" هي المعجزة، أو خبر مبتدأ محذوف (٣)؛ أي: المعجزة صرْفَتُهم، و"الحث": التحريض والتحريص (٤). وهو مصدر مضاف إلى مفعوله، وفاعلُه قوله: "وفر الدواعي"، و"النُّصَرا"؛ جمع نصير بمعنى المعاون، والجملة خبر لـ "من" الموصولة المتضمنة لمعنى الشرط.

والمعنى: أن من قال: معجزتُه صَرْفُ الله إياهم عن معارضته ودفعُ الله لهم عن مناقضته مع أن دواعيَهم المتوفرة وبواعثَهم المتكثرة كانت تقتضي أن ينصر بعضهم بعضًا بالمقاولة في المقابلة، ولكن صُرِفت دواعيهم عن الإتيان بمثله، فالمعجزة هو (٥) صرف دواعيهم وإن كان في مقدرتهم المعارضة بنحوه،


(١) أبو إسحاق إبراهيم بن سيار مولى الحارث بن عباد الضبعي البصري المتكلم شيخ المعتزلة، تكلم في القدر وانفرد بمسائل وهو شيخ الجاحظ، ولم يكن النظام ممن نفعه العلم والفهم وقد كفّره جماعة، وقال بعضهم كان النظام على دين البراهمة المنكرين للنبوة والبعث ويخفي ذلك، مات سنة بضع وعشرين ومئتين. اهـ من سير أعلام النبلاء ١٠/ ٥٤١.
(٢) وقال ابن تيمية في الجواب الصحيح ٥/ ٤٢٨ - ٤٢٩: (وكون القرآن معجزة، ليس هو من جهة فصاحته وبلاغته فقط، أو نظمه وأسلوبه فقط، ولا من جهة إخباره بالغيب فقط، ولا من جهة صرف الدواعي عن معارضته فقط، ولا من جهة سلب قدرتهم عن معارضته فقط، بل هو آية بينة معجزة من وجوه متعددة … ) الخ وسيأتي بتمامه.
(٣) في سائر النسخ من غير كلمة (محذوف) ولعل الأوضح ما أثبته من نسخة (ز ٨).
(٤) في (ل) و (ز ٨) و (ز ٤) "التحريض والتحريض"، وفي (ص) "التحريض" فقط والصواب ما أثبته من نسخة (س) و (بر ١).
(٥) في نسخة (ص) "هي" وفي سائر النسخ؛ "هو" كما أثبته ولعله الأفصح ومعلوم أن تاء المعجزة هي للمبالغة كعلامة ونسابة وفهامة.

<<  <   >  >>