للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال بعضهم: هو ما انطوى عليه من الإخبار عن الغيوب التي هي مختصة بالحق، العاجز عن معرفتها الخلقُ، نحو قوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [الفتح: ٢٧] وقوله: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} (١) وقوله: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: ٤٥].

وقال بعضهم: هو اشتماله على قصص الأولين، وما جرى بينهم وبين الأنبياء المرسلين. هذا ما ذكره أصحابنا أهل السنة (٢).


(١) سورة التوبة: [آية: ٣٣]، والفتح: [آية: ٢٨]، والصف: [آية: ٩].
(٢) وقال سيد قطب في ظلال القرآن ٤/ ٢٢٥٠: (وقد ثبت هذا التحدي؛ وثبت العجز عنه. وما يزال ثابتًا ولن يزال. والذين يدركون بلاغة هذه اللغة، ويتذوقون الجمال الفني والتناسق فيها، يدركون أن هذا النسق من القول لا يستطيعه إنسان. وكذلك الذين يدرسون النظم الاجتماعية، والأصول التشريعية، ويدرسون النظام الذي جاء به هذا القرآن، يدركون أن النظرة فيه إلى تنظيم الجماعة الإنسانية ومقتضيات حياتها من جميع جوانبها، والفرص المدخرة فيه لمواجهة الأطوار والتقلبات في يسر ومرونة .. كل أولئك أكبر من أن يحيط به عقل بشري واحد، أو مجموعة العقول في جيل واحد أو في جميع الأجيال. ومثلهم الذين يدرسون النفس الإنسانية ووسائل الوصول إلى التأثير فيها وتوجيهها ثم يدرسون وسائل القرآن وأساليبه. فليس هو إعجاز اللفظ والتعبير وأسلوب الأداء وحده، ولكنه الإعجاز المطلق الذي يلمسه الخبراء في هذا وفي النظم والتشريعات والنفسيات وما إليها … والذين زاولوا فن التعبير، والذين لهم بصر بالأداء الفني، يدركون أكثر من غيرهم مدى ما في الأداء القرآني من إعجاز في هذا الجانب، والذين زاولوا التفكير الاجتماعي والقانوني والنفسي، والإنساني بصفة عامة، يدركون أكثر من غيرهم مدى الإعجاز الموضوعي في هذا الكتاب أيضًا، مع تقدير العجز سلفًا عن بيان حقيقة هذا الإعجاز ومداه، والعجز عن تصويره بالأسلوب البشري).

<<  <   >  >>