للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

في أيِّها شاءت منها، هذا خلاصة ما في المقنع (١)، لكن قال الجعبري: (مصحف عثمان مشتمل على السبعة التي اشتمل عليها مصحف أبي بكر احتمالًا) (٢).

وحاصله والله أعلم: أنهم كتبوا الكلمات، على صور تحتمل القراءات، باللغات المختلفات، وما وقع فيه من المخالفة بين اللغات -بحيث لا يتصور الجمع بينها-؛ فاعتمدوا على لغة قريش؛ فإنه نزل بها غالب الآيات البينات، ومجمل الكلام، أن لا يكون القرآن مرسومًا على لغة غير قريش من قبائل الأنام، فلا يقدر أحد أن يقول: أقرأ وَفْقَ لساني من نحو أهل الشام، وأهل العراق ويرتفع الاختلاف فيما بين طوائف الإسلام، ويشير إليه قوله:

٣٥ - فَجَرَّدُوهُ كما يَهْوَى كتابتَهُ … ما فيه شَكْلٌ ولا نَقْطٌ فيَحْتَجِرا

"يَهْوَى"؛ بفتح الياء والواو: أي: يحب ويرضى، وقوله: "فيَحْتَجِرا": جواب النفي، ولذا حُذِفَ نونُه، والفاء للسببية.

والمعنى: فَجَرَّدَ زيدٌ ومن معه القرآنَ كما كان يقصد كتابتَهُ عثمانُ، من غير زيادةٍ ولا نقصانٍ، وبيانه أنه ليس في القرآن المكتوب شكلُ إعرابٍ، ولا نقطُ كتابٍ، فيمتنعا عن المطلوب من التصرف في وجوه القرآن، بل على وجهٍ يَحْتَمِلُ الكلماتُ وجوهَ الغيبِ والخطابِ والتذكيرِ والتأنيثِ والرفعِ والنصبِ والجرِّ والجزمِ وسائرَ الهيئاتِ (٣)؛ فيمكن أن يقرأ هذا بالرفع وهذا بالجزم كقوله تعالى: {وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة: ١١٩] (٤)، وكذا الغيب


(١) المقنع صـ ١٢٠ - ١٢١ سبب اختلاف مرسوم المصاحف.
(٢) انظر: الجميلة صـ ٧٤.
(٣) أي: مما صحت به الرواية؛ إذ القراءة سنة متبعة كما تقدم، والأمثلة تبين أن هذا هو مرادُه.
(٤) قال في النشر ٢/ ٢٢١: (فقرأ نافع ويعقوب بفتح التاء وجزم اللام على النهي، وقرأ الباقون بضم التاء والرفع على الخبر).

<<  <   >  >>