للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلا يكلف إلا المتمكن بما يمكن وقوعه فكيف يكون العبد مكلفًا بما ليس في وسعه ومطلوبًا منه المعارضة بإتيان كلام ربه، وقد قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، ومجمل الكلام أنه لو كان كذلك، لزم المحال هنالك، عند من لا يجيز تكليف ما لا يطاق، والتناقض عند من يجيزه فهو ممنوع بالاتفاق (١).

٢٠ - لله دَرُّ الذي تأليفُ مُعجِزِهِ … والانتصارِ له قد أوضحا الغُرَرا

الضمير في "مُعجِزِهِ" للقرآن أو للموصول (٢)، و"الانتصار"، مجرور معطوف على "مُعجِزِهِ"، وهو أظهر من قول الشارح: ("تأليفُ مُعجِزِهِ"؛ مرفوع على الابتداء، و"الانتصار"؛ معطوف عليه) (٣).

ثم قوله: "قد أوضحا" بألف التثنية على أنه يرجع الضمير إلى المعجز والانتصار كما صرح به الجعبري (٤)، وفي بعض النسخ: قد أوضح؛ بصيغة الإفراد على أن المراد كل واحد منهما أو يرجع الضمير إلى التأليف المشتمل على الكتابين، و"الغُرَر"؛ بضم أوله جمع غرة والمراد بها: الأدلة الواضحة، والأوجه اللائحة.

والمعنى: أن لِلهِ خيرَ الشخص الذي ألَّف كتابًا في إعجاز القرآن وبين فيه وجوهَ إعجازِ صنائعِهِ (٥)، (وما اشتمل على أنواع بدائعه، وصنف كتابًا آخرَ فيه


(١) أي: باتفاق القائلين بجواز التكليف بما لا يطاق والقائلين بعدم جوازه.
(٢) فعلى أنه للقرآن يكون المعنى إعجاز القرآن، وعلى أنه للموصول يكون المعنى إعجاز الباقلاني، أي: كتابه إعجاز القرآن والإضافة بهذه الصورة جائزة كما هو معلوم لأنه (قد يضاف الشيء إلى الشيء بأدنى ملابسة) كما قال الجعبري في شرح هذا البيت صـ ١٥٣.
(٣) انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ ٤٥).
(٤) انظر: الجميلة صـ ٣٥.
(٥) سبق التعليق على إطلاق هذه الكلمة على القرآن في شرح البيت (١٥) وما إخال الباعث للمؤلف عليها إلا وَلَعُهُ بالسجع، والقرآن من أمر الله، وأمرُهُ قسيمُ خلقه كما قال سبحانه: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: ٥٤] وقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} [الشورى: ٥٢].

<<  <   >  >>