للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الانتصار للمقول المختار المتضمن لأجوبة شبهة الملحدين وتشكيك المارقين من الدين والمراد به القاضي أبو بكر الأشعري (١)، وللشيخ عبد القاهر النحوي الجرجاني (٢) في هذا المعنى كتاب دلائل الإعجاز خاص وكتاب أسرار البلاغة عام، وللإمام فخر الدين الرازي (٣) كتاب نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز عام) (٤) وقد صنف الجعبري الترصيع في علم البديع، فمن أراد معرفة البلاغة، يرى في هذه الكتب بلاغه (٥)، وحاصل المرام، من هذ الكلام، في هذا المقام، أن من أراد أن كل واحد من الأوجه المذكورة معجز فليس كذلك (٦)، لما سبق من بيان فساده هنالك، وإن أريد أن مجموع الأوجه هي المعجز فهو صحيح على ما ذكره الأشعري وغيره وهي ثلاثة أوجه:


(١) هو محمد بن الطيب بن محمد؛ ابن الباقلاني، مات في ذي القعدة سنة ٤٠٣. اهـ مختصرًا سير أعلام النبلاء ١٧/ ١٩٠.
(٢) أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني، شيخ العربية، توفي سنة ٤٧١. اهـ مختصرًا من سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٣٢.
(٣) هو محمد بن عمر بن الحسين القرشي البكري، مات سنة ٦٠٦. اهـ مختصرًا من سير أعلام النبلاء ٢١/ ٥٠٠.
(٤) ما بين القوسين منقول بمعناه وأكثر ألفاظه من الجميلة صـ ٣٦.
(٥) البلاغة: هي العلم المعروف، وبلاغه: أي: ما يتبلغ به ويكفيه.
(٦) بل هو كذلك كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب النبوات صـ ١٦٤: (فلفظه آية ونظمه آية وإخباره بالغيوب آية وأمره ونهيه آية ووعده ووعيده آية وجلاله وعظمته وسلطانه على القلوب آية وإذا ترجم بغير العربي كانت معانيه آية) وقال أيضًا في الجواب الصحيح ٥/ ٤٢٨ - ٤٢٩: (وكون القرآن معجزة، ليس هو من جهة فصاحته وبلاغته فقط، أو نظمه وأسلوبه فقط، ولا من جهة إخباره بالغيب فقط، ولا من جهة صرف الدواعي عن معارضته فقط، ولا من جهة سلب قدرتهم عن معارضته فقط، بل هو آية بينة معجزة من وجوه متعددة، من جهة اللفظ، ومن جهة النظم، ومن جهة البلاغة في دلالة اللفظ على المعنى، ومن جهة معانيه التي أمر بها، ومعانيه التي أخبر بها عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وملائكته وغير ذلك، ومن جهة معانيه التي أخبر بها عن الغيب الماضي وعن الغيب المستقبل، ومن جهة ما أخبر به عن المعاد، ومن جهة ما بين فيه من الدلائل اليقينية، والأقيسة العقلية، التي هي الأمثال المضروبة، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: ٥٤]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧) قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الزمر: ٢٧ - ٢٨]).

<<  <   >  >>