للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم أعاده عثمان -رضي الله عنه-، وأجمع عليه بقيةُ الصحابةِ واستحسنه جميعُ الأئمةِ، فمن نسب الوهم والتغير في الرسم بالنقصان أو الزيادة -من الملاحدةِ وغلاةِ الشيعةِ-؛ فقد أخطأ صَوْبَ الصَّوابِ، واستحق الحجابَ والعقاب؛ لأن الله تعالى بنفسه تولّى حفظ الكتاب، بقوله {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩]، وإن المعتمدَ نقلُ القرآن من الحفاظ، وكانوا عند كتابة المصحف أكثرَ من عدد التواتر، ولو غيَّره أحد من الكُتَّاب كما زعمتم لعلمناه من تلاوة القراء (١).

وقد وَلِيَ عليٌّ كرم الله وجهه على (٢) الخلافةِ بعد الخلفاء الثلاثة، وتمكَّن من إظهار الملّة على زعمكم، فلو صحت دعواكم لأَقْرَأَ الأئمةَ من أهل بيت النبوة القرآنَ العظيمَ على وجهه، وكتبَ مصحفًا لهم على وَفْقِ رسمِه، وأثبتَ ما ادعيتم من تغييره.

وأما قولهم: "أخذوه من الآحاد والرقاع" فيجيء جوابه عند قوله: "فقام فيه بعون الله" (٣)، ومجمل الكلام، في تحقيق المرام، في هذا المقام، أنه كيف يصح تفريط الصحابة الكرام، في ضبط القرآن العظيم، وإهمالهم في حفظ القرآن الكريم، حتى ينسوه فلا يعرفه إلا الواحد والاثنان من الأطراف، وحتى لا يوجد إلا في الأكتاف واللخاف، هذا مع شدتهم في طلب أمر الدين، وبذلهم الأموال والأشباح والأرواح في مقام اليقين، أيتركون القرآن الذي فيه منافع دنياهم وأخراهم، وقد نقل الصحابة أنه -صلى الله عليه وسلم- (كان يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن) (٤)، وقال ابن مسعود تعلمت من في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبعين


(١) كذا في (ص) و (بر ١)، وفي (ل) و (س) و (ز ٤) "لعلمناه من تلاوة القرآن"، وفي (ز ٨) "لعلمنا من تلاوة القرآن"
(٢) كذا في جميع النسخ، ولعل الأصوب "وَلِي عليٌّ كرم الله وجهه الخلافةَ" بدون "على".
(٣) البيت رقم (٢٧).
(٤) رواه مسلم ك: الصلاة، باب: التشهد في الصلاة (٤٠٣) ورواه غيره.

<<  <   >  >>