للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال السخاوي: (والذي ذهب إليه مالك هو الحق إذ فيه بقاء الحالة الأولى، إلى أن يعلمه الطبقة الأخرى بعد الأخرى، ولا شك أن هذا هو الأحرى، إذ في خلاف ذلك تجهيل الناس بأخراهم في المرتبة الأولى، وقال أبو عمرو الداني: "لا مخالف لمالك من علماء الأمة في ذلك" (١) (٢) لكن قال في كتاب اللطائف: (يجوز كتابة المصاحف على غير الكتابة الأولى) (٣) فكأنه أشار إلى أن مراعاة الكتْبة الأُولى ليست بواجبة بل هي الأَوْلى.

(وقال أبو عمرو في موضع آخر (٤): سئل مالك عن الحروف في القرآن مثل الواو والألف، أترى أن يغير من المصحف إذا وجد فيه كذلك؟ قال: لا، قال أبو عمرو: يعني الواو والألف المزيدتين في الرسم المعدومتين في اللفظ نحو: {أُولُو} (٥)، وقال الإمام أحمد: تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واو أو ألف (٦) أو ياء أو غير ذلك، قال البيهقي في شعب الإيمان: من كتب مصحفًا فينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به تلك المصاحف ولا يخالفهم فيه


(١) المقنع ص ١٠.
(٢) ما بين القوسين من الوسيلة صـ ٨٠، والذي في الوسيلة (والذي ذهب إليه مالك هو الحق إذ فيه بقاء الحال الأولى، إلى أن يعلمها الآخر وفي خلاف ذلك تجهيل الناس بأوليتهم) وليس فيها قوله: (بعد الأخرى، ولا شك أن هذا هو الأحرى) ولا قوله: (بأخراهم في المرتبة الأولى) وما إخاله حمله على هذا إلا ولَعُه بالسجع.
(٣) لم يقل ذلك القسطلاني بل صنع كما صنع غيره فنقل كلام الموجبين وكلام العز بن عبد السلام، واستدراكَ الزركشي عليه، فلا غضاضة في ذلك عليه، ولا ينسب بسببه إلى القول بجواز مخالفة الكتبة الأولى، وانظر: لطائف الإشارات صـ ٢٧٩، وأستبعد أن يكون قصد المؤلف كتاب اللطائف لابن مقسم النحوي -وهو مفقود فيما أعلم- لأنه كما قال ابن الجزري في ترجمته في الغاية ٢/ ١٢٤: (ويذكر عنه أنه كان يقول إن كل قراءة وافقت المصحف ووجهًا في العربية فالقراءة بها جائزة وإن لم يكن لها سند وأنه عُقد له مجلس وَوُقِفَ للضرب فتاب ورجع)، وهذا غير ما كان بنحوه ابن شنبوذ فإنه كان يعتمد على السند وإن خالف المصحف وهذا يعتمد على المصحف وإن خالف النقل، واتفقا على موافقة العربية.
(٤) هو في المقنع صـ ٢٨.
(٥) وردت في القرآن مرارا، أولها: [البقرة: ٢٦٩].
(٦) كذا في (س) و (ص)، وفي بقية النسخ (وألف).

<<  <   >  >>