للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذه القصيدة على المقنع؛ لأن المقنع لم يذكر فيه إلا الحذف في الأول {يُخَادِعُونَ اللَّهَ}؛ لأنه قال في المتفق عليه الذي رواه عن نصير وكتبوا {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا} بغير ألف، -وكذلك {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا}، وكذلك في النساء {يُخَادِعُونَ اللَّهَ} بغير ألف (١) - والذي ذكره صاحب القصيدة صحيح، والمصاحف متفقة على حذف الألفين في الحرفين جميعًا) (٢) انتهى.

ولا يخفى وجه غرابته، إذ اتفقا في كل من المواضع الثلاثة على كتابته (٣)،


(١) كذا في سائر النسخ، وفي نسخة (ز ٨) (وكذلك رأيته في كتاب محمد بن عيسى الذي ذكر فيه ما قرأه على نصير "يخدعون الله" بغير ألف) مكان ما بين العارضتين، وهذا هو المطابقُ لما في شرح السخاوي لهذا البيت صـ ٩٨، ولم يشر محقق الوسيلة لاختلاف في نسخها في هذا الموضع، والمطابق أيضًا لما نقله الجعبري في الجميلة صـ ٩٠ عن الوسيلة، وقال المُحَشِّي عليه - أي: على شرح المُلّا - (هكذا وجدت من السخاوي؛ لكن الواقع في نسخ الشرح نقلا عن السخاوي: وكذلك "يخدعون" الأول وكذلك النساء "يخدعون الله" بغير ألف. والله أعلم). قلت: ولعل هذا هو سبب دعوى القاري على السخاوي بالإغراب وتَعَقُّبِه عليه بقوله: (ولا ويخفى وجه غرابته إذ اتفقا -أي: المقنع والعقيلة- في كل من المواضع الثلاثة على كتابته)، وبمراجعة شرح السخاوي يتبين أنهما لم يتفقا على كتابته في المواضع الثلاثة حيث نقل السخاوي عن المقنع الموضع الأول فقط، وأقول أخرى: ولعل سبب دعوى السخاوي هذه؛ أن الموضع الأول من البقرة هو الذي ذكره في المقنع من رواية نصير، أما الموضع الثاني من البقرة وموضع النساء فهما من قول أبي عمرو لا من رواية نصير حيث قال في المقنع صـ ٨٤: (قال أبو عمرو وكذلك كتبوا الحرف الثاني "وما يخدعون إلا أنفسهم" وكذلك كتبوا في النساء [آية: ١٤٢] {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} وكذلك كتبوا {قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} في المائدة [آية: ١٣] و {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ} في الزمر [آية: ٢٢]، قال نصير: وكتبوا {فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} بغير ألف) فمن قوله "قال نصير" عاد إلى سياق رواية نصير، والله أعلم. يبقى أن نقول: إن دعوى السخاوي أن هذا من زيادات العقيلة على المقنع غير صحيحة حتى على هذا الوجه لأن العقيلة ليست نظمًا لما ذكر المقنع الاتفاق عليه ولا مختصة بنظم رواية نصير فقط بل هي نظم للمقنع، أو يكون سبب دعواه هذه اختلاف النسخ كما اعتذر به له الجعبري في الجميلة والله أعلم.
(٢) انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ ٩٨).
(٣) قال الجعبري في الجميلة صـ ٩٠ في شرح هذا البيت بعد أن نقل كلام السخاوي هذا على غير ما نقله عنه القاري؛ بل مقتصرًا على الأول من البقرة ما نصه: (قلت: ورأيت في نسخة بالمقنع مقروءة:
وكذا كتبوا -أي بالحذف- الحرفَ الثاني"وما يخدعون إلا أنفسهم" ويحمل هذا على اختلاف النسخ، وأيضًا قال في الباب الثاني "وما يخْدَعون" بلا ألف، والأولى جَعْلُ معًا هنا بمعنى جميع على حد قول ابن بريدة:
إذا حنت الأولى سجعن لها معًا .................................
ليندرج فيه ما في النساء ويخرج عن عهدة المقنع إذ قال فيه بعده وكذا كتبوا في النساء {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}) اهـ.
وبالحمل على اختلاف النسخ اعتذر الجعبري للسخاوي حين نفى ذكر {تُظَاهِرُونَ} [الأحزاب: ٤] في المقنع كما سأنقله عنه في شرح البيت (١٠٣) إن شاء الله.

<<  <   >  >>