للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشام" زيادة على ما ذكر، فيستفاد بأن إثبات النونين هو المراد، نعم كان يمكنه أن يقول: " تَأْمُرُونِّي " بنوني شامه نصرا (١).

ثم اختلف في التلاوة أيضًا؛ فقرأه ابن عامر بنونين مظهرتين فوافق رسمُ مصحفِه تلاوتَه، وقرأ غيره بنون واحدة، لكن نافع خفَّفها وغيره شدَّدها (٢)، وذكر السخاوي (٣) للتخفيف شاهدًا وهو قوله:

(كل له نية في بغض صاحبه … بنعمة الله نقليكم وتقلونا (٤)

فإذا جاز حذف النون الثانية من تقلونا وهي ضمير المفعول فحذف نون الوقاية أجوز، ثم المحذوف هي الثانية دون الأولى؛ لأن الثانيةَ نونٌ للوقاية والأولى للإعراب، وحق الإعراب أَوْلَى لأن هذه النون قد نابت مناب نون الوقاية لأنها كانت مفتوحة، فلما حذفت نون الوقاية اتصلت هذه النون بالياء وكسرت).

وقد طعن قوم (٥) على حذف النون، ولا يلتفت إليه، وإلى قول مكي (٦)


(١) الأسلم من الاعتراضات هو ما جرى عليه الناظم، لأن لقائل أن يقول للمؤلف: ليس للشامي نونان إنما اختص بنون واحدة فإضافة النونين له في قولك: بنوني شامه نصرا غير صحيح.
(٢) انظر: النشر ٢/ ٣٦٣، ٣٦٤، والكشف ٢/ ٢٤٠، والإقناع ٢/ ٧٥١.
(٣) في الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ ٢١٥ وكل ما بين القوسين منه.
(٤) عزاه ابن الأنباري في "الزاهر في بيان معاني كلمات الناس" (١/ ١٢٥) والأصفهاني في "شرح ديوان الحماسة" (١/ ١٦٤ - ١٦٦) وغيرهما للفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب، المسمى: بالأخضر اللهبي، يخاطب بني أمية بأبيات مطلعها:
مهلاً بني عَمِّنا مهلاً موالينا لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
(٥) قال محقق الوسيلة صـ ٢١٥: (قال القرطبي "وحكي عن أبي عمرو بن العلاء أن هذه القراءة لحن، وأجاز سيبويه ذلك فقال استثقلوا التضعيف" الجامع لأحكام القرآن ٧/ ٢٩).
(٦) قال مكي في الكشف ٢/ ٢٤٠ - ٢٤١: (وحجة من قرأ بنون واحدة أنه حذف إحدى النونين لاجتماع المثلين وهو ضعيف، إنما أتى ذلك في الشعر، لأنه إن حذف النون الأولى حذف علامة الرفع بغير جازم ولا ناصب، وذلك لحن، وإن حذف النون الثانية حذف الفاصلة بين الفعل والياء، فانكسرت النون التي هي علم الرفع وذلك لا يحسن، لأن التقدير فيه أن تكون المحذوفة الثانية، لأن التكرير بها وقع، والاستثقال من أجلها دخل، ولأن الأولى علامة الرفع فهي أولى بالبقاء، وكأن الحذف في هذا حمل على التشبيه بالحذف في إني وكأني وفإني وشبهه، والاختيار تشديد النون لأن الأكثر عليه ولأنه أخف من الإظهار ولأنه وجه الإعراب).

<<  <   >  >>