للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي: زاد الراسمون في كل المصاحف ألفًا بعد ميم " مِائَةٍ " وتثنيته وما يقوم مقام جمعِهِ، قال أهل العربية: للفرق بينه وبين مِنْهُ، ولم يزيدوا في فِئَةٍ وفِئَتَينِ للفرق بينهما وبين فيه؛ لأن التفرقة في الصورة غير واجبة (١)، وربما يقال: استعمال مِاْئة أكثر من تداول فئة، نحو (٢): {مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: ٦٦] {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} [الكهف: ٢٥].

وأثبتوا الألف في كل المصاحف في ابْن وابْنَت؛ وصفًا نحو: {يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} [المائدة: ١١٠ و ١١٢ و ١١٦] {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: ٧٥] {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ} [التحريم: ١٢]، وخبرًا {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: ٣٠]؛ أو خبرًا (٣) عنه نحو: {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} [هود: ٤٥] {إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ} [يوسف: ٨١] {إِحْدَى ابْنَتَيَّ} [القصص: ٢٧]، فإن قيل: لو أطلق قوله: "ابْن"، من غير تقييدٍ بالوصفِ والخبر لعمَّ الحكمُ أيضًا (٤)، قلت: لو اقتصر على ذلك لتُوُهِّمَ حملُه على مذهب النحاة من حذْفِ ألفِ "ابْن" وصفًا لعلم مضاف إلى علمٍ آخر وإثباتِها في غير ذلك، قال بعض الشراح: الظاهر أنه احترز بذلك عن مثل قوله: {يَبْنَؤُمَّ} [طه: ٩٤] فإنه رسم بحذف الألف ولا يكون صفةً ولا خبرًا.


(١) قوله: (لأن التفرقة في الصورة غير واجبة) تعليل لقوله: (ولم يزيدوا).
(٢) هذا تمثيل لزيادة الراسمين في كل المصاحف ألفًا بعد ميم " مِائَةٍ " وتثنيته وما يقوم مقام جمعه.
(٣) كذا في (ز ٤) و (بر ١)، وفي (ز ٨) "وإخبارًا عنه".
(٤) أي: فما الحاجة إلى هذين القيدين في قوله: وفي ابْنٍ اثباتُها وَصْفًا وقلْ خَبَرًا؟.

<<  <   >  >>