المغرب الطمع في انتزاعه من يد أهله والاستبداد عليهم في وطنهم. ولذلك لم تملك منه غير السواحل اللازمة لحياة بحريتها. وأسست بها مدنا لترويج بضائعها بين الاهالي. واقامت حينا من الدهر جارة للبربر تستخدمهم في مدنها بأجور يرضونها. وتستألف امراءهم بالأموال خوفا من غاراتهم.
ولما تأسست قرطاجنة اقتطع الفينيقيون من داخل الوطن البربري قطعة استوطنوها ودخل اهلها تحت طاعتهم. واطلق على هذا القسم اسم " ليبيا فينيقيا " وعرف الفينيقيون الذين به باسم البونيقيين.
ومن مدن الفينيقين بالساحل الجزائري: هبون (بونة)، روسفاد (السكيكدة)، شولو (القل)، اجلجلي (جيجل)، صلداي (بجاية) روسوقورو (تاقصبت او دلس او تقزيزن)، رسجونيا (مطيفو)، اقسيوم (الجزائر)، تباسا، يول (شرشال)، صيعة (ارشقول على الظاهر).
ولم يتجاوز البونيقيون السواحل الى دواخل الجزائر الا في الجهة الشرقية حيث كانت نوميديا الشرقية تحت حمايتهم- باشرف معنى الحماية- ومن مدن هذا القسم: تغاست- Thagaste (سوق اهراس) مدوروس- Madoure - (مداوروش)، تيفيست- Thèvesté -" تبسة".
ولهذا القسم الداخل تحت أشراف قرطاجنة حدود تفصله عن ليبيا فينيقيا وتلك الحدود خنادق تعرف بالخنادق الفينيقية.
وبلغت حماية قرطاجنة في الشمال الشرقي لنوميديا الى رأس بوقرعون "ناحية القل" وجهة ميلة. ومن المحقق ان قرطاجنة لم تدخل تبسة " بالجنوب الشرقي النوميدي" الا سنة ٢٥٠ (ق. م) ولم تبق بها الا خمسين سنة.