للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع من الباب السابع. ولوكانت الفوضى تفيد الفاتح سرعة الفتح فلم تفد الروم البيزنطيين بمعشار عشر ما أفادت العرب؟ وهل هذه الفوضى التي قربت للعرب فتح المغرب موجودة بصفتها لدى الفرس أيضا وغيرهم من أهل الشام ومصر والاندلس وبقية الاوطان التي سار فيها الفتح العربي سير الشمس غير أنه ليس سريع الافول؟

لسنا ننكر ان البربر كانوا في فوضى، ولا نخصهم بها. ولكنا لا نراها صالحة لان تكون سببا لسرعة الفتح. أما السبب في نظري فهو ان العرب لم يحملهم على غزو الامم كسب ثروة ولا استعباد ضعيف. وانما كانوا يريدون نشر الاسلام بصدق واخلاص. فكانوا يعرضونه على محاربيهم اولا. فان أجابوا صاروا مساوين للعرب في جميع الحقوق. لا سيد ولا مسود ولا غالب ولا مغلوب. وان امتنعوا عرضوا عليهم الجزية. فان قبلوها حفظوا بها حقوقهم الذاتية وعقائدهم وعوائدهم تحت العدل الاسلامي. وهذا السبب أراه عاما في سرعة الفتح العربي لجميع الاوطان.

[٨ - البربر والاسلام]

علمت سابقا أنه كان بالمغرب ثلاث ديانات: الوثنية والموسوية والمسيحية، وان المسيحية ذات مذاهب ثلاثة متباينة: الارثذوكس شيعة الرومان والاريويين من الوندال، والدونويين من بربر الجزائر.

وان كان لاصحاب تلك الديانات والمذاهب شيء من التعاليم الموروثة والتقاليد الجامدة فقد قضت عليها الفوضى من جهة والسلطة البيزنطية من جهة أخرى، ولم تبق هيئة دينية الا في كنائس الارثذوكس لما لهم من السلطان والصلة بالبابا.

<<  <  ج: ص:  >  >>