تلك الدرجة، وما اخبر به الكتاب الحاكيم من ان الله علم آدم الاسماء كلها لانه لم يخبرنا انه علم علمه لاولاده بل فيه ما يرشدنا الى ان ذلك خصوصية لآدم اذ ذكر قصة ابنى آدم- وهما لصلبه في رأي بعض المفسرين- وعدم اهتداء القاتل لدفن المقتول. وعلى تقدير ان يكون علم اولاده فان كرور الايام وانتقال البشر من وطن الى آخر مما ينسي ذلك العلم ويذهب به. بل قد تكون الأمة العالمة في مكانها لم تبرحه وتذهب الايام والليالي بعلمها حتى يظن الجاهل بتاريخها ان لا سلف لها في العلم. والشواهد على ذلك لا تحصى.
[١ - أصل قدماء الجزائر]
دل الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه على ان البشر كلهم من نسل آدم عليه السلام، وانه هلك جميعه في الطوفان على عهد نوح عليه السلام ولم ينج الا من ركب معه في السفينة ولم يعقب منهم الا ابناؤه {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ}.
واتفق المؤرخون على ان أبناء نوح الذين تفرعت عنهم جميع امم المدنيا ثلاثة: سام، حام، يافث.
وقد ذكر ابن خلدون في أبناء يافث قطوبال ثم ذكر الامم المتفرعة عنه فقال:"واما قطوبال فهم أهل الصين من المشرق، واللمان من المغرب ويقال ان أهل أفريقية قبل البربر منهم، وان الافرنج ايضا منهم. ويقال أيضا أن أهل الاندلس قديما منهم"(١).
فإذا صحت هذه الرواية- ولصحتها شواهد ستراها- كان قدماء شمال أفريقية وبلاد الفرنجة والاندلس ذوي رحم. ولهم اخوة مع الصين بالشرق.