بالخير. واذا وعظتموهم فأوجزوا فان كثير الكلام ينسي بعضه بعضا. واصلحوا أنفسكم يصلح لكم الناس. وصلوا الصلوات في أوقاتها باتمام ركوعها وسجودها والتخشع فيها. واذا قدم عليكم رسل الاعداء فاكرموهم، وأقللوا لبثهم حتى يخرجوا من عسكركم وهم جاهلون به. وأكثروا حرسكم، وبددرهم في عسكركم، وأكثروا مفاجأتهم بمحارسهم بغير علم تهم بكم، فمن وجدتموه غفل عن محرسه فأحسنوا ادبه وعاقبوه. وستجدون أقواما حبسوا أنة سهم في الصوامع فدعوهم وما حبسوا أنفسهم له".
ولما احتضر دعا بعض الصحابة منهم عثمان وطلحة وعبد الرحمن ابن عوف. وأعلمهم برأيه في استخلاف عمر. فاستحسنوه. ودعا عثمان ليكتب العهد. وأملى عليه: "بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما عهد به أبو بكر خليفة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة، في الحال التي يؤمن فيها الكافر ويوقن فيها الفاجر: اني استعملت عليكم عمر بن الخطاب. ولم آل لكم خيرا. فان صبر وعدل فذلك علمي به ورأيي فيه، وان جار وبذل فلا علم لي بالغيب، والخير أردت، ولكل امرىء ما اكتسب. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".
نكتفي بهذه النتف من كلام أبي بكر عن بقية خطبه وخطب بقية الخلفاء وعظماء القواد، اذ لا يتسع المقام لذلك ولا لتتبع سيرهم وأعمالهم ولا لشرح فضل الاسلام في نهضة العرب وعظمتهم وتكوين مدنية اساسها العقل الصحيح وأثرها سعادة البشر عامة.
[٤ - العرب في افريقية]
في عصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتح العرب الشام ومصر وطرابلس. وفي عصر عثمان (ض) دخلوا افريقية.