بليسير الامان. فامنه. وسلم نفسه اليه. فذهب به الى القسطنطينية. وذلك سنة (٥٣٤).
[٤ - الروم بالجزائر]
بعد فرار جلمير الى جبل بابوة توجه بليسير الى بونة فاحتلها. وبعث بمن فيها من الوندال الى قرطاجنة. ثم وجه جندا عن طريق البحر الى قيصرية. فاستولى عليها. وبلغ ذلك الجند سبتة ففتحها أيضا. وأصدر يستنيان أمرا يقول فيه:"لا بد أن ندافع عن الخاضعين الينا، ونصل بحدودنا الى حيث وصلت الجمهورية الرومانية" ولكنه حلم لذيذ جعلته يقظة البربر من أضغاث الاحلام، وأمل حال دون تحقيقه تمسك البربر باستقلالهم وقدرتهم على حماية أنفسهم.
جد الروم في الاستيلاء على الجزائر. ولكن لم يكن لهم في أول الامر غير السيادة الاسمية في جهات قسنطينة وسهول سبيوس وأعالي مجردة. ولحفظ تلك السيادة جعلوا على هذا القسم خطا من الحصون، أهم مراكزه قسنطينة وقالمة.
وفي سنة (٥٣٩) فتحوا أوراس الحضنة ووطن سطيف. ولكن لم تثبت قدمهم بأوراس. فاكتفوا باتخاذ حصون قوية شماله. وذهب خط الحدود من هذا الشمال مغربا فمر بضبنة وزابي، ثم انحنى شمالا مشتملا على سطيف.
وبقية الوطن الجزائري لم يحتل منه الروم غير بعض المراسي. منها رسقوناي وتبازا وقيصرية وقرطنة. ولم يبلغوا هذه المراسي الا من طريق البحر. وقد ضيق البربر عليهم فيها تضييقا شديدا. فعاشوا بها عيشة بؤس. وأحاطوها بأسوار لم تزل آثارها حتى