الضغائن بين مرين وعبد الواد قديمة، ناشئة عن الجوار في الوطن ثم في الملك وعن المنافسة في الاستقلال برئاسة زناتة، فكثرت الحروب بينهما، وكان ملك مرين أعظم، فكان الفوز لهم غالبا، فلما احتضر يغمراسن اوصى خلفه بمسالمة مرين والتوسع في مملكة الحفصيين، لكن مرين التي لا يرضيها مقاسمة عبد الواد لها رئاسة زناتة كانت تتجنى عليهم تارة بانهم آووا ثائرا عليها، ولم يكن يومئذ تسليم المجرمين السياسيين من الحقوق المقررة بين الدول، وأخرى بأنهم ردوا شفاعتها في مجرم سياسي من رعاياهم أو في تخلية سبيل الممالك الحفصية، فلم يكن في اماكان عبد الواد ارضاؤها، وكانت أيام السلم بينهما هي أيام اشتغالهما بفتن داخلية.
وقعت بين يغمراسهن وابي يحي واقعتا اسلي قرب وجدة سنة ٦٤٨ وابي سليط سنة ٥٥ ثم وقعت بينه وبين يعقوب واقعه ناحية تازا سنة ٥٧ واصطلحا سنة ٥٨ ثم تحاربا بوادي تلاغ قرب ملوية سنة ٦٦٦ وعزم يعقوب بعدها على فتح تلمسان، فتهيأ له يغمراسن، فمال الى الصلح، لكن يغمراسن كتب اليه:
فلا صلح حتى نروي السيف والقنا ... وتأخذب الواد منكم بثارها
وأشفي غليلي من مرين التي طغت ... بسبي غوانيها وقتل خيارها
فكانت بينهما واقعة اسلي سنة ٧٠ انتصر فيها يعقوب، وحاصر تلمسان ثلاثة أيام وثلاثة أشهر، ووفد عليه محمد بن عبد القوي التوجيني، فاختلفت أيدي مرين وتوجين على العيث في ساحة تلمسان،