ما كان للفاتحين قبلهم من أعمال العمران فلم يخربوا منه شيئا. أما أعمال الرومان فقد قال عنها بيروني:"ولم يتحد البربر والوندال الا في تخريب افريقية والقضاء على عمرانها الذي لم يبق منه الا آثار تشهد بعظمته " وأما أعمال الوندال والروم فقد قال في شأنها أيضا: "وقد ذهبت أعمال الوندال والبيزنطيين من نفسها لعدم اتقانها. ولم يكن للعرب يد في هدمها".
ولم نعلم من تخريب للعرب الا ما كان من تخريب حسان لقرطاجنة. ولكن لم يخربها على ساكنيها من صبية ونساء وشيوخ. وانما خربها بعدما خرج أهلها منها لئلا يعودوا للتحصن بها. ولكن أين هذا من تخريب الرومان لها؟ وأين هذا مما يفعله الاروبيون اليوم بالامم الضعيفة؟ لم أدر كيف يغتر بعض الجزائريين بدعاية الملوثين لسمعة العرب بمثل هذه الاختلافات وهم يقرأون حقائق عن تخريب أولئك المعمرين ووحشية أولئك المحتكرين للمدنية؟
[١٠ - العرب والبربر بعد الفتح]
أصبح العرب بعد الاسلام أعظم دول العالم فتوحا. ولكنهم يمتازون عن الفاتحين سواهم ممن تقدم أو تأخر بأنهم لم يفتحوا وطنا لامتصاص خيراته ولا لسلب حرية أهله. بل كان غرضهم الوحيد نشر الاسلام الذي رأوا فيه سعادتهم. فاحبوا أن يعمموا نشره ما استطاعوا كي تعم السعادة. ولميزتهم هاته عن بقية الامم الفاتحة كان فتحهم ممتازا عن سائر الفتوحات.
لما فتح العرب المغرب اختلطوا بالبربر وامتزجوا بعضهم ببعض من غير اندماج. فتصاهروا وتساكنوا في المدن والضواحي. ولم يكن للعرب تفوق على البربر في جميع الحقوق، الا ما كان من الولاية