تأسست الدوللة الإدريسية سنة ١٧٢ (٧٨٨م) وانتهت بالقبض على الحسن الحجام سنة ٣١١ (٩٢٣ م) فكانت مدتها ١٣٩ سنة قمرية ومملكة الادارسة واسعة النطاق تشتمل على المغرب الاقصى أجمع وبعض المغرب الأوسط. وبها حصون طبيعية ومعاقل ممتعنة. ولكن سهل سقوطها في يد العبيديين اشتمالها على ضعفين سياسي وإداري.
ذلك أن الأدارسة بقوا تلك المدة في الملك من غير مزاحم ولم يعتنوا بتهذيب البربر تهذيبا يحبب إليهم النظام ويكره اليهم الفوضى.
بل إن البربر لم يزالوا على حالتهم يتششوقون لمن يقودهم الى الثورة عسى انت يقضوا بعض الزمان في الفوضى فما كادت تظهر دعوة العبيديين حتى هرعوا اليها. ولقبيلة مكناسة وأميرها موسى بن ابي العافية اليد الطولى في اعانة العبيديين على الادريسيين.
وكان النظام الاداري على ما علمت قد فكك وحدة الدولة الحربية وذهب بقوتها المالية. فلم تجد ما تدافع به ذلك الخطب الداهم.
ولانفصال أعمال المملكة بعضها عن بعض اداريا لم تسقط كل الاعمال بسقوط فاس. فان الجزائر العلوية بقيت بعدها مدة.
لما ظهرت دعوة العبيديين بالمغرب وقضت على الدعوة الادريسية زاحمتها الدعوة الاموية فافتتح عبد الرحمن الناصر مليلة سنة ٣١٤ وبث دعاته بالمغرب. فلباه ادريس بن ابراهيم صاحب أرشقول.
وكاتبه واهدى اليه. واقتفي أثره في ذلك الحسن بن ابي العيش صاحب جراوة وموسى بن ابي العافية ومحمد بن خزر المغراوي فنازلتهم جيوش العبديين. فخضع لهم صاحبا جراوة وأرشقول خضوع من عجز عن المقاومة. وكلف الناصر بحربهما موسى بن ابي العافية. فوقعا بين قوتين اوجبتا تلونهما في السياسة.