كان المغرب الأوسط لزناتة. وسيادتها لقبيلتين منها هما مغراوة ويفرن. وموطنهما نوحي تلمسان الى وهران الى شلف شمالا وغريس من ناحية المعسكر جنوبا. ورئاسة مغراوة كانت صدر الاسلام لصولات بن وزمار ثم ابنه حفص، وكان من أعظم ملوك زناتة، وخلفه ابنه خزر، ولعهده كان المغرب ثائرا على بني أمية، فاعتز بقومه، وعظم شأنه، وهلك في بداية الدولة العباسية، فخلفه ابنه محمد، وعلى عهده ظهر ادريس.
لما أسس ادريس دولته بالمغرب الاقصى توجه نحو المغرب الاوسط كي يفتح لدولته طريقا الى المشرق وما زال المشرق حتى اليوم قبلة آمال الدول وميدان تطاحن الاقوياء منها. فزحف منتصف رجب سنة ١٧٣ في جموع مطغرة وغيرهم. ونزل على تلمسان. وصاحبها يومئذ محمد بن خزر. فأطاعه وسلم له المدينة. فدخلها من غير حرب. واقام بها أشهرا. بنى بها المسجد الاعظم. وكتب على منبره:"بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أمر به الامام ادريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن رضي الله عنهم. وذلك في صفر سنة ١٧٤"، قال ابن خلدون:"ولم يزل اسمه محفوظا في صفح المنبر لهذا العهد".
أخذت زناتة بدعوة ادريس وتبعتها مغيلة. وحاربوا لها الرستميين وغيرهم. وقامت قيامة هرون الرشيد لما بلغه خبره. وقال:"تلمسان باب افريقية. ومن ملك الباب يوشك ان يلج الدار". فأوعز الى أمراء القيروان بحربه. فحاربه روح بن حاتم من غير طائل وهم بعده الفضل ابن روح بحرب المغرب الادريسي. فلم يطعه الجند. وكثر تمرد الجند على الامراء. واستشار الرشيد وزيره