كانت بين صنهاجة وزناتة حروب بسبب الجوار في الموطن. فلما قوي أمر زيري بن مناد في قومه ارتاد مكانا حربيا اقتصاديا يجمع بين المناعة والاشراف على مواطن زناتة وكثرة المياه وسعة الفضاء.
فوقع اختياره على موضع اشير. فشرع في انشاء مدينته سنة ٣٢٤ (٩٣٦) وجلب البنائين من المسيلة وطبنة وغيرهما.
وهي في سفح جبل تيطري بالجنوب الشرقي من البرواقية وغربي جبل شعبة وشمال قصر البخاري قرب ثلاثاء الدوائر، وكانت الطرق تخرج منها الى سوق حمزة غربا على طريق شعبة والى متيجة شمالا على طريق لمدية والى تيهرت غربا والى مليانة على شلف شمالا غربيا والى المسيلة جنوبا شرقيا. ويوجد بين برج بوعريريج والمنصورة جبل يدعى ايضا اشير. وبه آثار مدينة عظيمة. وهنالك محطة للقطار تدعى بهذا الاسم. وقد غلط ابو راس. فظن اشير زيري هنالك اذ قال:"وهي الآن خراب غربي ارض بني مقران" اهـ. وارض بني مقران هي سهل مجانة في الشمال الغربي من برج بوعريريج.
ولما أخذ زيري بدعوة بني عبيد اذن له المنصور بن القائم في اتخاذ القصور والمنازل والحمامات باشير. وطبع بها نقودهم ذهبا وفضة. وعني بها ابناؤه من بعده. فابتنوا خارجها فحوصا. واستبحر عمرانها واتسعت خطتها. فرحل اليها من البلاد القاصية التجار والعلماء.
قال ياقوت: "ومن اشير هذه الشيخ الفاضل ابو محمد عبد الله بن محمد الاشيري امام أهل الحديث والفقه والادب بحلب خاصة