غودا هو ابن منستابعل. وأخو يوغورطة. تولى الملك بعد اعتقاله أخيه. وذلك أن رومة لم تجسر- بعد إلقاء القبض على يوغورطة- على ابتلاع مملكته خيفة العجز عن الهضم وسوء المغبة. فأرجأت تملكها الى حين. وأخذت تمهد لذلك بتفرقة البربر على الأمراء، وأضعافهم بالفتن الداخلية التي تكثر بكثرة الأمراء.
وقد نجت في هذه السياسة. فأصبح أمراء البربر مشاركين لرومة فيما يقع بها من الفتن الداخلية، ومنقسمين على زعمائها: كل يؤيد زعيما برجاله وأمواله. فما من هول يقع برومة إلا وكان صداه بالوطن البربري حتى أن الزعيم الروماني الذي يكتب له الفوز هو الذي يكون له النجاح بأفريقية الشمالية.
اقتضت تلك السياسة أن لا تملك رومة مملكة يوغورطة ولا تدعها تحت أمير واحد. فقسمتها بين غودا وبوكوس صهره. وكانت نوميديا الاصلية نصيب غودا. وهي تنتهي غربا بصلداي. ولكنه لم يتمتع بها كثيرا إذ توفي بعد ذلك بقليل واقتسم ابناؤه مملكته.
جلس غودا على عرش نوميديا وهو شيخ كبير السن ولم تطل مدته ولا كان له في عنفوان شبابه عمل يشتهر به. ناهيك أنه لم يكن له ذكر في حروب أخيه. وهذا ما تركنا نجهل غودا ولا نعلم شيئا عن أعماله. بل ان عصره كان فاتحة عصر مظلم. قال مرسيي:"وهذا العمر كله مظلم أمام المؤرخ لفقدان الوثائق التاريخية عنه" وغاية ما علم عن غودا أنه كان رجلا ضعيف الرأي مسالما للرومان خادما لمطامعهم. ومثل هذا هو الذي تقدمه رومة للملك اضعافا للأحرار واخفاتا لصوت الوطنية.