للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يزل الرومان كذلك على بساطة حياتهم حتى فتحوا البلدان. واستولوا على الأمم، وأقاموا بين ظهرانيهم، وطالت معاشرتهم لهم. اذ ذاك تأثر الغالب بالمغلوب وجاراه في حياة النعيم والرفاهية. وفي الحقيقة ان المغلوب لا يؤثر في الغالب، وانما أثرت تلك الامم في الرومان لانهم مغلوبون لها في العلم والحضارة.

أخذوا عن اليونان وأهل المشرق الملابس الرقيقة. وزينوا البيوت بالتماثيل والرخام والحجارة النفيسة، وفرشوها بالزرابي. وأكثر ما تأثروا في حياتهم بالاغريق، ومع ذلك لم يأخذوا عنهم فنهم في البناء. ولم تزل آثار البناءات الرومانية دالة على فقد الذوق اللطيف للرومان، وهي تمتاز بأنها عظيمة ذات أقواس. بسيطة ليس فيها تحسين.

[٦ - الرومان في افريقية]

انتهت الحرب البونيقية الثالثة بالقضاء على مملكة قرطاجنة وتخريب تلك العاصمة وحلول الرومان محل القرطاجنيين، فاستولوا استيلاء فعليا على التراب الاصلي لقرطاجنة، وأطلقوا عليه اسم "مملكة الرومان بافريقية" وجعلوا على هذه المملكة أو الولاية واليا مقره عوتيقية.

وهذه الولاية عبارة عما بين وادي توسكا (ناحية طبرقة) شمالا، ومدينة تينة (جنوب صفاقس) جنوبا. وخطها الغربي من جهة نوميديا غير مستقيم فانه يمر من توسكا حتى يقترب من قفصة ثم ينحني حيث ينتهي في تينة قرب البحر. فهي عبارة عن جزء غير كبير من عمالة تونس.

ولم تكن تطمع الجمهورية الرومانية اذ ذاك في توسيع هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>