يغر البربر فانهم لا يرضون عن تحاملك على العرب ولا سيما الفاتحين.
البربر يعلمون أن ما نتج عن هجوم الهلاليين ليس ناشئا عن عداوة جنسية أو قسوة حربية ولذلك اختلطوا بهم وأخذوا عنهم عوائد اجتاعية واخلاقا فاضلة اضافوها الى عوائدهم وأخلاقهم.
واستعرب كثير منهم لما وجدوا في العربية ثروة لفظية وادبا راقيا واعانة على فهم الدين. واستبدلوا بحياتهم حياة عربية.
فكان نفوذ الهلاليين في البربر اجتماعيا لغويا جنسيا. كما كان نفوذ الفاتحين دينيا سياسيا ويمتاز نفوذ العرب في غيرهم من الامم بأنه غير ناشىء عن دعاية سياسية وانه خالد خلود الراسيات لا يذهب بذهاب سلطانهم ولا توهن من قوته الدسائس الاجنبية. بل لا يكترث بها الا اكتراث القائل:
يا ناطح الجبل العالي ليوهنه ... اشفق على الرأس لا تشفق على الجبل
ينتجعون بها الصحراء شتاء والتل صيفا. ويبتغون الرزق في غالب أحوالهم من القنص وتخطف الناس من السبل. ويجمعون أيام كونهم بالتل الحبوب لقوت سنتهم. قال ابن خلدون:"وربما يلحق أهل العمران أثناء ذلك معرات من اضرارهم بافساد السابلة ورعي الزرع مخضرا وانتهابه قائما وحصيدا. الا ما أحاطته الدولة وذادت عنه الحامية في الممالك التي للسلطان عليهم فيها سبيل" اهـ.