كان يستنيان امبراطور القسطنطينية ينظر الى المملكة الغربية التي زال منها حكم الرومان نظر الوارث المستحق، ويتحين الفرص لاسترجاعها، وضمها إلى الامبراطورية الشرقية. فكان لذلك يتداخل في شؤون الوندال بأفريقية، وكان سروره عظيما يوم أعلن هلدريق سيادته بها، وكان كذلك استياء الوندال عظيما، أفضى الى اسقاط ملكهم واجلاس جلمير مكانه. وقد عجم يستنيان عود جلمير بالكتابة، فوجده صلبا. فاراد أن يهشمه بالكتيبة لا بالكتابة.
كان يستنيان في حرب مع الفرس دام أمدها خمس سنوات. ولما أجابه جلمير ذلك الجواب اصطلح مع الفرس على أن يؤدي لهم غرامة مبلغها أحد عشر مليونا من الفرنك، وأخذ يتهيأ لحرب الوندال.
اشترى يستنيان حرب الوندال بذلك الثمن. وانه لزهيد بالنظر لخيرات افريقية. ولكن وزراءه استصعبوا قبض متباعهم لبعده عن العاصمة وشجاعة حماته من الوندال. وكادوا يردونه عن عزمه. غير أن بعض أساقفة الارثذوكس الذين يودون انقاذ اخوانهم من الاضطهاد الوندالي شجعه على الغزو، وتنبأ له بالفوز والنصر. واتفق أن كانت طرابلس وصقلية ثائرتين على الوندال. وطلب رئيسا الثورة بهما اعانة هذا الامبراطور على أن يسهلا له طريق الاستيلاء على أفريقية. فزاد ذلك في نشاط يستنيان، ومضى على عزمه.
وكان من رجال البلاط الامبراطوري رجل يدعى بليسير، له نفوذ بالجيش. فاختاره الامبراطور لقيادة حرب أفريقية. وفوض له في اختيار الضباط. وصدر له الامر بركوب البحر.