وسنجاريف الصغير هذا هو ابن سنجاريف الذي دعاه ابن خلدون بهذا العلم. ويظهر من سياقة تاريخه انه المعروف عند غيره باسم سيناخريب (SENNACHERIB) والاختلاف قد يكون من أصل النقل. وقد يكون من تصحيف النساخ للخاء جيما وللباء فاء. وسياقة حديث سنجاريف الصغير تقتضي انه المعروف في غير ابن خلدون باسم اسرحدون. وهو قد تولى الملك سنة (٦٨١) ق. م فتكون هذه السنة في التاسعة والثلاثين من ملك منشا، والثانية والخمسون من ملكه توافق سنة (٦٨٨). فتكون بيزنطة أسست في هذه السنة.
وبعد ان استولى الرومان على البلاد الاغريقية لم يتنبه أباطرتهم لاهمية موقع بيزنطة، حتى جاء قسطنطين، فتنبه لذلك، وانتقل اليها سنه (٣٣٠هـ).
وكان انتقاله لها لغرضين: ديني وسياسي. أما الديني فلأنه تنصر، وكانت رومة لا يزال عظماؤها وثنيين. فهو لا يستطيع أن يؤيد ديانته بينهم. ويضر بنفوذه ان هو قام فيها بحماية المسيحية. فابتعد عنهم الى بيزنطة، واتخذها مهدا صالحا لنمو المسيحية. وأما الغرض السياسي فلأن الفرس كانوا يهددون دولته من ناحية الفرات، وأمم القوط يهددونها من ناحية الدانوب. فنزل تلك المدينة المتوسطة بين ذينك النهرين ليراقب حركات الاعداء ويرد غاراتهم.
ولما انتقل اليها أخذ في تعميرها على مثال رومة، ونسبها اليه. فصارت تدعى القسطنطينية. ثم لما فتحها محمد الثاني من آل عثمان صارت تدعى اسلامبول. ومعنى ذلك مدينة الاسلام. وقد غير هذا العلم الى لفظ اصطنبول.