للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومؤرخو الافرنج احاطوا علما بهذه الآثار وما بينها من المشابهات ولكنهم لم يهتدوا لرواية ابن خلدون.

فأثبتوا بطريق البحث والنظر ان سكان أفريقية وصقلية وأروبا الجنوبية والغربية متفرع بعضهم عن بعض. ثم افترقوا في تعيين الاصل والفرع: فمنهم من قال: انه لا يعلم- لقدم الزمن جدا- من هي الأمة التي بقيت بوطنها والتي انتقلت عنه؟ ولا متى وقع انتقال المنتقل؟ ومنهم من جزم- من غير دليل- بأن الانتقال وقع من أروبا الى أفريقية الشمالية. وانا لا اقف موقف الطائفة الاولى، ولا أخضع لجزم الطائفة الثانية، بل أجزم بان الانتقال وقع من أفريقية الشمالية الى أروبا الحنوبية والغربية. ومستندي في ذلك الآثار السابقة فإنها متصلة من المشرق إلى المغرب. ولم تجد طريقا أخرى متصلة بالشرق من جهة أروبا مملوءة بالآثار التي لها شبه بآثار قدماء أفريقية.

[٣ - حياة قدماء الجزائر]

تختلف حياة الامم بساطة ورفاهية باختلاف درجتها في معرفة وسائلها الامدية والادبية. والاستاذ الاول لتلقين تلك المعرفة هي الضرورة والحاجة. وقديما قيل: "الحاجة ام الاختراع".

وقد هدت الحاجة الانسان الاول الى اتخاذ مسكن يأوي اليه، وملبس يقيه حرارة القيظ أو زمهرير القر، ومطعم يحفظ عليه حياته ويقوي بدنه على تحمل عبء الحياة. ومكسب يقتنيه ويدخره ليستعين به في وجه من وجوه الحياة.

١ - المسكن: اما المساكن فقد دلت الآثار المكتشفة في غير ما موضع على ان قدماء الجزائر اتخذوها في الاكمات والهضاب واختاروا لها مواضع المياه. وقد قدمنا الوجه في ذلك. ومن وجوه اختيارهم

<<  <  ج: ص:  >  >>