فكانوا يجهلونها بتاتا. وانما عرف من بعدهم النحاس فسمي عصرهم بالعصر النحاسي، ثم ترقوا الى معرفة الحديد فسمي هذا العصر بالعصر الحديدي. وما زال العالم في هذا العصر الى اليوم لوفور منافع الحديد ولذلك ذكره الله من بين سائر المعادن بأسلوب يدل على عموم حاجة البشر اليه في جميع الازمان اذ قال:{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}.
[٤ - ادوار مدنية قدماء الجزائر]
مكث قدماء الجزائر- كغيرهم- احقابا لا يعلم تقديرها الا العزيز العليم ومدنيتهم محصورة في الحجارة: يستخدمونها في جميع شؤونهم الضرورية والكمالية. غير انهم كانوا يترقون- وفق ناموس النشوء والارتقاء- في احكام صنع الحجارة واتقانها، ويتفننون في نقشها ورتنميقها.
وقد قسم المؤرخون ذلك العصر السحيق الطويل- حسبما هدتهم الآثار المختلفة صنعا وزمنا- الى ثلاثة ادوار:
١ - عصر الحجارة القديم. كان الانسان فيه في اول عهده بالطبيعة جاهلا بطرق الاستفادة منها مقتصرا في حياته على استعمال ما اهتدى اليه فكره الابتدائي من المواد الطبيعية التي يسهل تناولها من غير حاجة الى حذق في صناعتها. استعمل من الحجارة مع تهذيبها قليلا جهازه الحيوي.
وقد عثر الباحثون على شيء من هذا الجهاز بجهات من الجزائر تقدم ذكرها. من ذلك هراوي ومناقير ومساح. وهي من اقدم ما عرف من مدنية الجزائريين في ذلك العصر.
٢ - عصر الحجارة الاوسط. تقدم الانسان في هذا الدور قليلا