اختصت بجهات لزمتها ولم تخرج عنها الى غيرها. قال اغسال Gsell في قوم وجدت لهم آثار بجهات سطيف وعين مليلة والعين البيضاء: "والظن ان يوتهم كانت من خشب وكثير منها طالت عمارتها. ويظهر ان هؤلاء السكان كانوا قليلي الانتقال". وذكر في موضع آخر: ان هناك قبائل لم تبرح اوطانها. وسكان الصحراء ابعد القبائل نجعة واكثرهم انتقالا لجدب اراضيهم وقلة العشب والماء الكافيين لمواشيهم.
ومن حيواناتهم الانسية الحمار والضان والعنز، وقد عرفت هذه الحيوانات لقدماء المصريين فربما نقلها هؤلاء الأفريقيون من هناك حين مروا بمصر او جلبوها من بعد. ومنها الخيل، ويحتمل ان تكون مجلوبة من الشام لتحقق وجودها به منذ احقاب عريقة في القدم. ومنها البقر، ويحتمل ان يكون اصله البقر الوحشي وراضه أهل هذا العصر حتى تأنس وتناسل. ومنها الفيل العظيم، وهذا انقطع نسله كما انقرض اهله وانما بقي أثره حسبما سبق. ومنها الكلب، وظنه بعض المؤرخين من المتأخرين متفرعا من الذئب. وهو من اغراقهم في الاندفاع خلف تيار مذهب النشوء والارتقاء وعدم تحريهم في تطبيقه ولو اتقنوا درس الطبيعة لما حملوا على هذا المذهب أكثر مما يتحمل، ولا الصقوا به جزئيات جهلوا أصلها وهو لا يتسع لها. وقد نطقت التجربة والاختبار بأن الذئب- ولو ربي- لا يصير كلبا. ولله صفاء اذهان العرب اذ تقول امرأة منهم أخذت جرو ذئب وارضعته نعجة لها فلما كبر أكلها:
بقرت شويهتي وفجعت قلبي ... وانت لشاتنا ولد ربيب
غذيت بدورها وربيت فينا ... فمن انباك ان اباك ذئب؟
إذا كان الطباع طباع سوء ... فلا لبن يفيد ولا حليب
ولم يوجد اي أثر يدلى على معرفة هذا الجيل للفلاحة. اما المعادن