لما كانت تنطوي نفوسهم عليه من كراهية السلطة الاجنبية. ولذلك أعانوا فرموس وجلدون في ثورتهما، وكانت الحكومة دائما ضدهم. وأصدر الامبراطور هونريوس سنة (٤١٠) أوامر في التشديد عليهم، ولكثرتهم لم يستطع تنفيذها. ولما أعياه أمرهم أمر باجتماع شيوخ الدين سنة (٤١١) فانعقد المجلس بقرطاجنة، وحضره من اساقفة الكاثوليك والدونتيس ٢٨٦ فحكم رئيس الجلسة على الدونتيسيين ولكنهم لم يحفلوا بذلك الحكم. فأصدر الامبراطور أمره بالتشديد عليهم وسلب حقوقهم والتضييق على حريتهم.
قال مؤرخ المسيحية بأفريقية الاب مسناج:"لما عجز البربر عن طرد الرومان من وطنهم اكتفوا باظهار الكراهية لهم. فامتنعوا من لغتهم ومذهبهم. فان شعبا لا يتعلم لغة المستولي عيه يعد ثائرا خصوصا إذا أضاف إلى ذلك مخالفته له في المعتقد. ويقول بعض المؤرخين: ان البربر ما دخلوا أولا في المسيحمة الا لكون الرومان وثنيين. فلما أقبل الرومان عليها خالفهم البربر وأسسوا لانفسهم مذهبا جديدا".
[٢٠ - المسيحية والوثنية بالجزائر]
لم تتجارز المسيحية بالجزائر حدود المملكة الروماية، ولم تنتشر داخل تلك الحدود الا على نسبة انتشار اللطينية، فكانت الاغلبية للوثنية، وما كان من كثرة الاساقفة ومراكزها بمدن نوميديا وموريطانيا فانما نشأ عن تنافس حزبي الكنيسة لا عن كثرة اتباع المسيحية.
وقد رأيت أن مذهب دونتوس هو مذهب الاغلبية المسيحية بالجزائر وذلك لانه مذهب ظاهره ديني وباطنه سياسي يؤيد السيادة الوطنية. ومن ههنا كانت كراهية أتباعه للارثذوكس الذين ينصرون الرومان ويؤيدون السيادة الاجنبية.