للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسلم منهم حتى النساء والصبيان.

وفي سنة (٣٧٢) ثار فرموس البربري بوطن القبائل وشغل الرومان ثلاث سنوات. كان الدنتسيون من أنصاره في تلك الثورة. ولما أيس من النجاح وقتل نفسه انتقم الرومان من حزب دونتوس وساموهم سوء العذاب.

وفي سنة (٣٩٥) ثار جلدون أخو فرموس على الرومان ونصره اتباع دونتيوس وفتك بالارثذوكس. ولما قبض عليه انتحر. وحنق الرومان على الدونتسيين، فجاروا عليهم واستعبدوهم.

انتشر مذهب دونتوس بنوميديا وموريطانيا (الوطن الجزائري) وحاز الاغلبية على الارثذوكس. وهاك بيان مراكز أساقفة الفريقين بمدن هذا الوطن: في سنة (٤١١) كان عدد المراكز مائة وسبعة وثمانين منها (٨٧) دونتيسية، (٣٤) كاثوليكية، (٦٦) للفريقين.

ومهما كثر عدد أساقفة حزب بناحية آذوا أتباع الحزب الآخر بالسلب والسرقة وهدم المعابد. وقد بلغ من تباغض الاحزاب المسيحية ان قال فيهم اميان مارسلان- وقد عاش قريبا من أوائل القرن الخامس-: "ان العداوة بين المذاهب المسيحية أشد من عداوة السبع للانسان".

ولم تقف الكنيسة عند هذا الحد من الانقسام. بل ان اتباع دوتنوس أنفسهم انشقوا طائفتين: طائفة متساهلة مع بقية المسيحيين والاغنياء، وأخرى متشددة مع المسيحيين ومتعمقة في الزهد تكره الاغنياء. وكان مركز الطائفة الثانية بتمغادي، وهي تتركب من العبيد المماليك الصعاليك، وقد أخذت على نفسها العمل لتحقيق المساواة بين الافراد في الفقر. فصارت تجوب البلاد وتطوف في البوادي لنهب الاغنياء وافساد الاموال. ورؤساء مذهب دونتوس يعدوت ثوارا على الحكومة. ولذلك أقبل بربر الجزائر على هذا المذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>