ان يخضع للسيادة الاجنبية مهما طال أمدها عليه، وامتدت عروقها بوطنه، وكثرت سكاكين حضارتها لتقليم أظفار بدويته، وفيما سقناه من أحاديث الثورات البربريه ما يغني عن الاسهاب في بيان هذه الحقائق.
د- واما نفور البربر الكسبي فقد رأيت ما كان للرومان عليهم من التفوق والاستعباد. الامر الذي كان يلقح دائما نفورهم الطبيعي. ولا أزيدك في انارة هذه الحقيقة عما تقدم غير كلمة واحدة أنقلها عن بيروني، وهي لا تخرج في معناها عما سبق. قال هذا البحاثة:"والاماكن التي كان للرومان بها سلطة حقيقية وقدم راسخة لا يعامل البربري فيها الا للاتتفاع منه".
هذه أصول علل سقوط حكومة الرومان بالجزائر. وقد أكثر المؤرخون في هذا الموضوع من الابحاث والاستنتاجات. وقد لخصنا لك في هذا الفصل زبدة أقوالهم الصحيحة، وأعرضنا عن تتبع ما كان لهم من أقوال ساقطة وأفكار سقيمة خشية الاطالة من غير كبير فائدة. والمطلع على كلامهم يرى فيه غرضين واضحين: أحدهما حمل القارئ على الاعتقاد بعظمة الرومان الى درجة أن يدهش من سقوط استعمارهم، وثانيهما تحذير قومهم من الفرنسيين من الوقوع فيما وقع فيه الرومان. وكلا هذين خارج عن غرضنا من تاريخ الجزائر.
[٢٣ - الحضارة الرومانية والبربر]
كانت لبعض الاباطرة عناية بغرس الحضارة الرومانية بالجزائر. وأشدهم عناية بذلك ادريانس وسبتموس سويرس وقسطنطين. ويقول بعض المؤرخين: ان الرومان أكملوا حضارتهم بالجزائر حتى أصبحت لا فرق بينها وبين حضارة رومة. ويستدل لذلك بانه زمن طريانس