والاستقلال بوطنهم فلم ينجحوا. فلما وجدوا في الوندال نصيرا على طرد الرومان أعانوهم مكتفين بهذا الشطر من غايتهم، اذ رأوا أنهم عاجزون عن الشطر الآخر وهو الاستقلال. فاستبدلوا احتلالا باحتلال، تحقيقا لاحد المقصدين، وتلك قاعدة ارتكاب أخف الضررين.
[٥ - تأسيس حكومة الوندال]
استولى الوندال على نوميديا وما يليها غربا. واتخذوا بونة عاصمة مملكتهم. وأيست رومة من ارجاع ذلك الوطن بالحرب، لما كانت عليه من الاختلال والانحلال. ورأى الامبراطور أن يحافظ على ما بقي له من تراب أفريقية. فارسل رسولا الى جنسريق قائد الوندال وملكهم، ليفاوضه في الصلح. وفي سنة (٣٥) تم الاتفاق بين الفريقين حسبما يلي:
١ - يدفع أمير الوندال لامبراطور رومة غرامة سنوية.
٢ - لا يتجاوز ملكه حدود نوميديا شرقا.
٣ - يعطي ولده هنريق رهنا على الوفاء.
٤ - يعمل بهذه المعاهدة لمدة ثلاثين سنة.
قضت هذه المعاهدة ببقاء حق امبراطور رومة في الجزائر وقبول جنسريق لان يكون تحت سيادته. فأظهر له حسن الولاء، وحافظ على مواد المعاهدة. وبعد اربع سنوات وثق الامبراطور باخلاصه، فسرح له ولده. وذلك ما كان ينتظره جنسريق لتوسيع مملكته بفتح البروقنصلية (تونس).
لم يبق لجنسريق بعد رجوع ولده ما يحمله على احترام المعاهدة. واتفق ان كان الرومان اذ ذاك مشتغلين بحرب القوط. فلم يهمل هذه