الفرصة. وذهب إلى قرطاجنة، ففتحها من غير عناء. واستولى على البروقنصلية. وتم له بذلك الاستيلاء على تونس والجزائر ومراكش وذلك سنة (٤٣٩).
لم يستطع ولنتنيانس الثالث أن ينتقم من جنسريق لتعديه على المعاهدة. وقديما عد الرومان مدافعة القرطاجنيين لهجوم مصينيسا خرقا لمعاهدة (٢٠١) ق. م وهكذا ترى القوي يعد مدافعة الضعيف عن حقه تعديا، والضعيف يداس حقه فيتظاهر بالحلم والسماح.
رأى ولتننيانس ضعفه أمام قوة جنسريق. فلم يحتج بالمعاهدة التي بينهما. واكتفى بتجديد معاهدة أخرى معه. فوقع الاتفاق بينهما بقرطاجنة سنة (٤٢) على ان يسلم الامبراطور للامير من سرت شرقا الى تبسة وشق بنارية وباجة غربا، ويسلم الامير للامبراطور بقية نوميديا وجميع أقسام موريطانيا.
قضت هذه المعاهدة بعود الجزائر الى السلطة الرومانية. ولكنها سلطة ضعيفة، وقصيرة العمر، اذ قضى عليها جنسريق سنة (٥٥) وما قبل هذه المعاهدة الا بنية القضاء عليها، حيث أنه استبدل وطنا هادئا غنيا لسلامته من جوائح الثورات بوطن قضى على عمرانه تعدد الفتن وأنهكه تهاطل الارزاء والمحن.
في سنة (٤٥٠) توفيت بلاسيدية. وبقيت المملكة بيد ابنها ولنتنيانس. فعبث بها عبثا كبيرا. وأخيرا قتل سنة (٥٤) وانتصب قاتله مكانه. وزاد ذلك في اضطراب أحوال رومة. وكان جنسريق يراقب أحوال أروبا. فرأى في اختلال رومة ما شجعه على غزوها. فجهز جيوشه من الوندال والبربر. وقصدها ففتحها سنة (٥٥) من غير عناء ولا تعب. وسرح جنوده فيها للنهب اربعة عشر يوما. ثم عاد الى قرطاجنة ظافرا منصورا يحمل غنائم جليلة واسارى من أعيان الرومان.