كان الانسان في ابتداء وجوده واول عهده بهذه الحياة لا يعرف الكتابة ولا الصنائع والحرف، ولا يهتدي الى ما اودع الله في الارض من المنافع، فجهل الفلاحة والغراسة واستخراج المعادن.
انما عرف الحجارة فاستخدمها لصيد الوحوش لقوته، او رد عاديتها عنه، ثم في دفاع المعتدين عليه من بني جنسه، او الهجوم عليهم.
ولبث على ذلك دهورا طوالا- ولكن مع ترقٍ في صناعتها وتفنن في وجوه استخدامها- حتى اخترع الكتابة وعرف المعادن ودخل حظيرة الحياة النظامية.
ويعرف ذلك الدهر الطويل بالعصر الحجري لأن مدنيته مشتقة من الحجارة. ويدعى أيضا "ما قبل التاريخ" لان الكتابة لم توجد بعد حتى يدون ما على عهده من الحوادث والوقائع وسير العمران والحضارة فالمؤرخ لا يستطيع ان يتحدث عن اهل هذا العصر حديثا مفصلا مستمدا من النقل، فكان هذا العصر جديرا بأن يدعى ما قبل التاريخ.
إن المؤرخين- وان لم يكن لهم نقل عن أهل هذا العصر- لم يعدموا سبيلا للبحث عنه فقد وجدوا من الآثار العريقة في القدم التي حفظها بطن الارض اساسا للكلام عن حياة الانسان الاول. وانار امامهم مذهب النشوء والارتقاء دياجي هذا العصر الحالكة.
ان مذهب النشوء والارتقاء قديم ليس من بنات افكار المتأخرين. والناس ازاءه قريقان: مثبت له مجب به، ونافٍ له نافر منه.
والحق الذي تشد له الضرورة ويؤيده القرآن الكريم ان المذهب نفسه- بصرف النظر عن بعض الجزئيات- معقول مقبول.