قال اغسال:" وليس بين دفتي التاريخ ما يرشدنا الى تعيين الوقت الذي وجدت فيه تلك المؤسسات بالضبط. والظاهر انها كانت قبل انتهاء القرن الثاني عشر (ق. م) "
[٣ - تأسيس قرطاجنة]
كانت صور (العاصمة الثانية للفينيقيين) بلغت مبلغا عظيما من العمران. وكان بها على عهد داوود وسليمان عليهما السلام ملك يدعى حيرام. سالَم هذا الملك الملكين النبيين، وحسَّن علاقاته معهما. وبعد وفاته تأسس بها حزب من عملة الشعب واصبح يشاغب طبقة الاعيان حتى تغلب عليهم ففروا إلى ليبية وأسسوا بها مدينة قرطاجنة.
وبعد أمد قليل من تأسيسها بلغت من العظمة والقوة ان صارت تهدد صور نفسها واصبحت هي الحامية للفينيقيين بليبية وصقلية واسبانيا. وكان اليونان قد أخذوا عن الفينيقيين التمدن فانقلبوا عليهم وقادوهم في التجارة حتى اخرجوا من بحر ايجه، وهددوا مراكزهم بالمغرب فلما نأسست قرطاجنة ثأرت منهم وطردتهم من المغرب.
أسست قرطاجنة على الخليج التونسي قريبا من البحر بحيث تصيب سورها أمواجه. ولحسن موقعها حازت السيادة التجارية، فأمها الفينيقيون من الشام، والبربر جيرانها الاقربون، وغيرهم من الامم، فاستبحر عمرانها وكثرت مبانيها وسكانها، واختلف في تقدير عدد السكان من (١٣٠٠٠٠) إلى (٧٠٠٠٠٠) وبلغت اوج عزها في القرن الرابع الى اواخر الثالث (ق. م) ومتوسط سكانها اذ ذاك نحو (٣٠٠٠٠٠).
اصبحت قرطاجنة عاصمة الفينيقيين ومعقل عزهم وحصن سعادتهم